ينتشر أكل الثلج عند بعض الأشخاص أو في فترة معينة من حياتهم، ويتناول كثير من الناس الثلج أو يضيفونه إلى مشروبهم للشعور بالبرد والانتعاش، ويمكن أن يساعد مصّ مكعبات الثلج في مساعدتهم على التخلص من أعراض جفاف الفم. ومع أن امتصاص الثلج أو مضغه باعتدال من غير المحتمل أن يتسبب بحدوث أي ضرر للإنسان، فإن الإكثار من امتصاص الثلج والشغف به قد يضر بالأسنان، وقد يدل هذا الشغف المستمر بمكعبات الثلج على وجود حالة كامنة تتطلب عناية طبية.
لذلك يجب على أي شخص لديه رغبة شديدة بتناول الثلج لمدة تزيد عن شهر تحديد موعد مع الطبيب لمعرفة ما إذا كان هناك سبب وراء هذه الرغبة، وكذلك يجب أن تنتبه المرأة الحامل لهذه الرغبة أيضاً، إذ قد تكون مؤشرًا على عدم حصول الحامل على مواد غذائية كافية خلال فترة الحمل، مما يؤدي إلى حدوث مضاعفات شديدة لديها. وسنبدأ في هذا المقال بذكر الحالات التي تسبب هذه الرغبة، ومن ثم سنعرج على الآثار الجانبية لها وطرق علاجها.
أسباب الرغبة في أكل الثلج
تسمى الرغبة الشديدة لتناول الثلج بازدراد الجليد (Pagophagia)، والتي تستمر لمدة تزيد عن شهر، ويعتبر ازدراد الثلج شكلاً من أشكال اضطرابات تناول الطعام، والتي تسمى بيكا (Pica)، وعادة ما يأتي هذا النوع من اضطرابات الطعام (بيكا) مع اضطرابات نفسية أخرى مثل التوحد والفصام، والتي تسبب لهؤلاء الناس رغبة ملحة في تناول الأطعمة التي لا تتمتع بقيمة غذائية حقيقية. وفي حين أن اضطرابات تناول الطعام (بيكا) أكثر شيوعاً في الأطفال عادةً، فإن أكل الثلج تحديداً يمكن أن يصيب البالغين والأطفال على حد سواء، وتتلخص أسباب أكل الثلج بالنقاط التالية:
فقر الدم بسبب نقص الحديد
يعتقد بعض الباحثين أن هناك صلة بين فقر الدم بسبب نقص الحديد و الرغبة بأكل الثلج ، لكن السبب غير واضح لحد الآن، وهناك العديد من النظريات لتفسير هذه الحالة إلا أنها غير جازمة، وإحدى هذه النظريات هي أن مضغ الثلج يجعل الأشخاص المصابين بفقر الدم أكثر يقظة، إذ يؤدي مضغ الثلج إلى تحفيز إرسال المزيد من الدم إلى الدماغ، والذي بدوره يمد الدماغ بأوكسجين أكثر ويحسن التفكير إضافة إلى زيادة اليقظة.
أسباب نفسية
في بعض الحالات النفسية يقوم المرضى بمضغ مكعبات الثلج بصورة مستمرة؛ فعلى سبيل المثال، قد يجد الشخص المصاب بالتوتر أكل الثلج طريقة من طرق تهدئة التوتر، وكذلك يمكن أن يكون اضطراب الوسواس القهري (OCD) سبباً في حدوث ازدراد الثلج في الأشخاص اللذين يعانون منه، والوسواس القهري هو حالة نفسية تؤدي إلى تصرفات قهرية أو الهوس بأفكار معينة.
أسباب تتعلق بالعادات الغذائية
بعض الأشخاص لديهم هوس بتناول السكريات فتراهم يضيفون النكهات الحلوة إلى الثلج بغرض تناول هذه النكهات، وبالتالي تكون لديهم عادة تناول الثلج مع النكهات بصورة مستمرة.
التجفاف
يمكن للجفاف الخفيف أن يجعل الشخص يتشوق إلى تناول مكعبات الثلج، إذ تقوم مكعبات الثلج بتبريد وتهدئة جفاف الفم والشفاه، إضافة إلى إخماد العطش، كما يمكنها أن تساعد في خفض درجة حرارة الجسم في الأيام الحارة.
أسباب أخرى
يمكن أن ترتبط الرغبة الشديدة في تناول الثلج أيضاً بالعديد من الحالات الطبية الأخرى، بما في ذلك:
- اضطراب طيف التوحد.
- الخرف.
- الإعاقات الفكرية.
- اضطراب الوسواس القهري.
- الفصام.
أضرار كثرة أكل الثلج
تنقسم هذه الأضرار إلى أضرار ناتجة عن كثرة تناول الثلج، وأضرار أخرى تنتج عن الحالات الكامنة التي تسبب ازدراد الثلج، وتشمل هذه الأضرار ما يلي:
أولاً: الأضرار الناتجة عن ازدراد الثلج أهمها مشكلات الأسنان
يمكن أن يؤدي استهلاك الثلج بكميات كبيرة إلى إتلاف مينا الأسنان، وإحداث تشققات أو تكسر في الأسنان، مما ينتج عنه المزيد من مشكلات الأسنان مثل الحساسية العالية تجاه الحرارة والبرودة والألم، وقد يحتاج الأشخاص الذين يقومون بمضغ الثلج باستمرار إلى عناية إضافية بأسنانهم لإصلاح التجاويف واستبدال الحشوات المفقودة.
ثانياً: أضرار أخرى تنتج عن الحالات التي تسبب ازدراد الثلج مثل مضاعفات فقر الدم
يمكن أن يسبب فقر الدم العديد من المضاعفات الصحية والتي تؤثر على أعضاء الجسم المختلفة، وتشمل هذه المضاعفات التي يمكن أن يسببها فقر الدم الشديد:
- تضخم القلب أو قصور القلب.
- مضاعفات الحمل مثل الولادة المبكرة أو انخفاض الوزن عند الولادة.
- تزايد احتمالية الإصابة بالالتهابات عند الأطفال.
- قصور النمو لدى الأطفال.
ثالثاً: المشكلات الغذائية
قد يستهلك الأشخاص الذين يعانون من ازدراد الثلج بسبب عادة إضافة النكهات والسكريات إليه الكثير من هذه السكريات أكثر مما يدركون؛ مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الوزن، ومشكلات أخرى تتعلق بالإفراط في استهلاك السكر.
علاج عادة أكل الثلج
يعتمد علاج الرغبة في أكل الثلج على سبب المشكلة، وبما أن بيكا هي حالة صحية عقلية وليست حالة بدنية، لذلك فإن علاج ازدراد الثلج، والذي يعتبر أحد أشكال بيكا، يمكن أن يختلف من شخص إلى آخر، إذ قد يوصي الطبيب المعالج بتناول مضادات الاكتئاب أو الأدوية المضادة للقلق.
أما أولئك الذين يعانون من فقر الدم بسبب نقص الحديد، فإن الكثير منهم يمكن أن تختفي منه أعراض ازدراد الثلج بعد تناول مكملات الحديد، إضافة إلى ذلك قد يحتاج بعض الأشخاص إلى علاج المضاعفات الناتجة عن الإفراط في تناول الثلج، فعلى سبيل المثال، قد يحتاج هؤلاء المرضى إلى طلب المشورة والعلاج من طبيب الأسنان إذا كانوا يعانون من حدوث أضرار في أسنانهم.
كيف تتعامل مع الرغبة الشديدة في تناول الثلج؟
إذا وجدت نفسك تشتهي أكل الثلج كثيراً فمن الأفضل الحصول على علاج من طبيب مختص، وزيادة وعيك بحالتك، والاعتراف برغبتك القهرية في تناول الثلج بأنها أصبحت مشكلة، وهذه هي أولى خطوات العلاج، ويساعدك ذلك في وضعك بالطريق الصحيح، وقد يساعدك أيضاً استبدال رغبتك في تناول الثلج بعادة أخرى أقل ضرراً مثل تناول تفاحة أو مضغ علكة أو حتى تناول مشروب بارد بدون ثلج، ويمكنك أيضاً مشاركة حالتك مع أحبائك لتشجيعك على العلاج وتعزيز رغبتك في التخلص من هذه الحالة.
الأسئلة الشائعة
لماذا مرضى فقر الدم يأكلون الثلج؟
لأن برودة مكعبات الثلج ربما تؤدي إلى زيادة وصول الدم المؤكسج إلى الدماغ، مما يدعم القوة الإدراكية التي يحتاجها مرضى فقر الدم.
هل الثلج يؤثر على القلب؟
يمكن أن تؤدي برودة الثلج إلى تشنج الأوعية الدموية، وبالتالي ارتفاع ضغط الدم، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة المجهود على القلب لتوصيل الدم إلى المكان الذي يحتاج إليه في الجسم.
هل أكل الثلج يزيد الوزن؟
الثلج مكونه الأساسي هو الماء، وهو لا يحتوي على سعرات حرارية، وبالتالي لا يمكن أن يسبب زيادة الوزن إلا إذا أضيفت كثير من السكريات إلى الثلج.
نصيحة من موقع صحتك
بالنسبة لمعظم الناس يعتبر الثلج مجرد وسيلة للحصول على مشروب بارد ومنعش، ولكن أكل الثلج قد يكون علامة على وجود مشكلة صحية، فإذا كنت تشك بأن رغبتك الشديدة في تناول الثلج تتحول من متعة عرَضية إلى احتياج وتستمر لفترة طويلة وربما تؤدي إلى تضرر الأسنان، أو كنت تشك أنك مصاب بأنيميا نقص الحديد، فيجب عليك استشارة الطبيب أو الحصول على استشارة نفسية للحصول على المساعدة.