16 يناير 2017

والدها متوف ولا تتذكر إلا قسوته

ابنتي عمرها 14سنة، والدها توفى من 4 سنوات، مش فاكرة منه غير كل قسوة، وبحاول أفكرها بكل حاجة كويسة، بتقولي أنا مش حسامحه أبدا، أنا مش عارفة أعمل معاها إيه؟ ودايما بتحكي وتعيط على الأطلال وتقولي انا ماكنتش عايشة قبل كدة زي البشر
عزيزتي الوالدة،
تحياتي..
بينما تخضع الأجساد لقوانين الموت والحياة، تظل أصوات وصور ومشاهد من نعرفهم حية بداخلنا تتفاعل معنا ونتفاعل معها.

في حالة ابنتك، ما زالت صورة أبيها - رحمه الله - عالقة معها، ومؤثرة على استقبالها له ولنفسها وللحياة. هذه الصور والمشاهد غالبا ما ترتبط بمشاعر كثيرة مثل الغضب والحزن والفرح، وكل هذا طبيعي ومقبول. تحدث المشكلة عندما يسيطر نوع واحد من المشاعر - مثل الغضب - على ابنتك، ويصبح سجنا يمنعها من قبول الحياة، ويدفعها إلى اتخاذ موقف سلبي فيها.

لا أعلم بشكل دقيق شكل العلاقة بينها وبين أبيها قبل وفاته، ولكن يبدو أن هذا الغضب متعلق بالكثير من المواقف غير المنتهية بينهما وصلتها منها رسائل رفض وقسوة. قد تكون لأبيها مواقف أخرى لها أثر طيب، ولكن الغضب حاليا يمنعها من أن ترى الأوجه الأخرى له.
أقترح أن تنضم ابنتك لجلسات علاج نفسي، وحبذا لو كانت في شكل مجموعة علاجية تساعدها على المشاركة بمشاعرها تجاه أبيها الراحل، ومواقفها معه لحل مشاعر الغضب العالقة بينها وبين ذكرياتها عنه بما يسمح لها بإعادة النظر في شكل علاقتها به، وتأثيره عليها ومتابعة حياتها بمسؤولية واتزان.

أما بالنسبة لما يمكنك تقديمه لها سيدتي، فلا بأس، إذا ذكرت لك ابنتك موقفا مسيئا من والدها، أن تقبلي غضبها تماما مع الاحتفاظ بحقك في الموافقة أو عدم الموافقة على طريقة استقبال ابنتك للموقف. يمكنك بالتأكيد أن تصارحيها بأن أبيها أخطأ في هذا أو لم يخطئ في ذاك بدون الشعور دومًا بالحاجة إلى أن تتخذي موقفا مدافعًا عنه. من حقك أن تسردي لها ذكرياتهما السعيدة معا لتعزيز صورته الإيجابية بداخلها، ولتتمكن في يوم ما من استحضار صوته الطيب بداخلها، ولكن لا تسرديها بغرض كبت مشاعر الغضب بداخلها. لا تنازعي غضبها واتركيها تفرغه واقبليه ليأخذ حجمه الحقيقي بداخلها، وعندها ستستطيع مع جلسات العلاج النفسي أن تجدد علاقتها بصورة أبيها مرة أخرى.

اقرأي أيضا:
المواقف غير المنتهية.. دراما داخلية وأحجار على الطريق
الآخر الذي بداخلك.. وقاية وعلاج
إساءات الطفولة.. كيف يصبح الملاك وحشا؟
آثار إساءات الطفولة.. كيف نتجاوزها؟
آخر تعديل بتاريخ
16 يناير 2017