صحــــتك
28 مارس 2023

موظفة وأطفالي بحاجة لي.. ماذا أفعل؟

متزوجة ولدي 4أ طفال، وأعاني من ضغوطات كثيرة، أطفالي ومسؤولياتهم من جهة، ومن جهه غياب زوجي بحكم عمله البعيد، وأنا أعمل في إحدى الدوائر، انقطعت عن العمل فترة سنة والآن مطلوب مني العودة، وظروفي كما هي والقلق يراودني حول أطفالي كيف أتركهم وأذهب، خصوصًا الطفلة الصغيره التي لم يتجاوز عمرها السنتين، وأطفالي مدارس ابتدائي، ولم يكن لي أي معين أو مكان آمنُ فيه على أطفالي، ماذا أفعل؟ هل أترك العمل نهائيًا وحالتنا المادية ليست جيده؟ أم ما الحل؟

DefaultImage

عزيزتي:

رغم أني لا أحب أن أتخذ قراراً لأحد، بل وأراه ليس من حق أي شخص أن يفعل ذلك، فكل إنسان يتمكن من معرفة طاقته وقدراته، وما يمكنه أن يتحمل وما لا يتمكن من تحمله، ورغم ما قد ينطق به المنطق ويصرخ به، ولكن بما أنكِ أرسلتِ لنا هنا في الجزء النفسي فهذا يعني أن لديك إحساس من داخلك أن غيابك في هذه السن الحرجة سيؤثر على اتزانهم النفسي، وهذا ما يمكنني أن أحدثك فيه من واقع سنوات الخبرة، وما أراه في كواليس البشر.

فالحقيقة التي تتأكد لنا كل يوم هي أن الأطفال في عمر حتى الثالثة تحديدًا يحتاجون لتمام صحتهم النفسية، وأخذ احتياجاتهم تماماً أو بشكل كافٍ مشبع لهم حتى وإن قل عن نسبة 100%؜ فيتزنوا عاطفياً ونفسياً وعقلياً، وينشَؤوا دون آثار تُحْدِث لديهم جروحاً نفسية يصعب التعافي منها إلا بالعلاج، فهم يحتاجون لإحساس أنهم مقبولون ومحبوبون من والديهما، وأن والديهما يرونهم ويشجعونهم ويساندونهم في أحزانهم وأفراحهم، والتي قد تكون بسيطة جدا في هذه الأعمار، فَفَقْد صداقة أو تعثر دراسي، أو ضياع شيء لديهم مهم، ومساندتك لهم في مثل تلك الأمور هو رمز للتعامل مع أحزانهم واطمئنانهم، ورمز لوجود سند لهم في حياتهم يبقى معهم طوال العمر، فلا تتعجبي، فحين نقابل إنسانًا في عمر الأربعين أو الخمسين وأقل وأكبر من تلك الأعمار نجد دوماً أن أصل معاناته كانت في مراحل عمره المبكرة، والتي حدث فيها شروخ وجروح نفسية لهم، حتى وإن لم يدركوها طوال حياتهم، أو دون أن يصدقوا أنها قد تكون لها كل هذا الأثر.

وهنا أريد أن أوضح لكِ عدة نقاط غاية في الأهمية وأنتِ تتخذين القرار، ولكن تلك المرة القرار باختيار واعٍ ومسؤول:

  1. الأبناء من أهم العلاقات في حياة الأم السوية، ومحل مسؤوليتها، ولكن أي زيادة في نفس الوقت بإحساس الذنب أو القلق الشديد عليهم يضرهم، مثل ضرر غيابها عنهم وعن احتياجاتهم، فهذه المفاجأة التي تكررت آلاف المرات هي نفسها التي أكدت أن التوازن في تقديم الرعاية وتوفير الاحتياجات النفسية هي المطلوب بالضبط لسواء الأبناء نفسياً.
  2. زوجك يكدّ ويقوم بأمر مهم لأجلكم وتربيتهم ورعايتهم، وهذا نفس ما تقومين به مع أولادكما إن لم يكن أكثر حين تراعي إنسانًا ينمو ويكبر في الحياة وتضعي له قيمًا وتقومين على تربيته وتقديم معارف ورعاية له؛ فهذا من أهم ما يحدث في هذا الكوكب الذي صار يحتاج لإنسان سوي قادر أن يتعامل مع نفسه بشكل جيد ومع الآخرين ومع تحديات الحياة.
  3. تخيلي معي أنك ذهبت للعمل ووضعتيهم في “حضانة” وأنتِ تشعرين بمدى ما يعانونه من غيابك، كيف سيكون حالك في العمل كعمل يحتاج لتركيز ومتابعة ووقت؟ وحالك معهم حين تعودين لهم؟ وما تعانيه من مشاعر وأنتِ في العمل بعيدة عنهم؟ وما سيتطلبه كذلك هذا المكان من تحضيرات لهم ومتابعة وتوفير متطلبات لهذه المكان من أدوات وطعام ربما، أو نقود أو وسيلة توصيل؟ الخ.
  4. رعاية الأبناء حتى يتمكن صغيرهم من الاتزان نفسياً كما أوضحت في النهاية وقت محدد ولن يظل طوال العمر.
  5. الأطفال في هذا السن من العام الثاني فما فوق يحتاجون في نفس الوقت لوجود قرناء في أعمارهم حتى يكتسبوا مهارات جديدة تتسق مع سنهم، فوجودهم وسط فريق، والتعامل مع الاختلافات، وممارسة المشاركة، إلخ، أمور يحتاجها أيضا في نفس السن؛ ليكتمل نضوجه النفسي، لذا لا أريدك أن تتركي أمر “الحضانة تماماً”، ولكن حتى وأنتِ مع هذا الطفل الصغير ابحثي عن حضانة يذهب لها؛ ليكتسب تلك المهارات، ولكن قومي بتلك الخطوة بتدرج صحي، يساعده ألا يتأزم بسبب الانفصال المفاجئ؛ لأنها مرحلة مهمة وأساسية جدا من مراحل نمو الإنسان أصلاً، وكلما مر بها بشكل صحي؛ كلما كان سواؤه النفسي أعلى بكثير؛ لأنه كما اتفقنا هو احتياج أيضا في هذا العمر، فربما تبدئين بساعتين فقط في اليوم ثم تأخذيه، أو تجلسي معه في الحضانة ليطمئن بوجودك حتى يعتاد المكان، وتتدرجي معه بالاتفاق مع المكان حتى تحدث تلك الخطوة بتدرج، ويمكنك القيام بتدرج اعتماد الأطفال الأكبر منه على أنفسهم يوم  وراء يوم، بتدرج واعٍ في تفاصيل الملبس والمأكل والتحصيل الدراسي؛ لأنهم يحتاجون أن يشعروا بقدرتهم على القيام بأمور تخصهم بأنفسهم، وهذا أيضا احتياج ضروري لهم، ولتبدئيه وأنتِ معهم.
  6. بمرور الوقت سيطمئن قلبك أنتِ أولاً أنهم تمكنوا من اكتساب قدرات الاعتماد على أنفسهم بشكل صحي، ويتمكنون من التعامل الصحي مع هذه الجرعة المتزنة؛ فلا يتأثروا بشكل سلبي بعد ذلك وقت غيابك، ودون أن تشعري أنتِ كذلك بضغط الأمومة الزائد غير الصحي، أو ضغط الذنب بتفريطك في مسؤوليتك تجاههم واكتسابهم لباقي الاحتياجات المهمة لهم في نفس الوقت، وهذه الخطوات ستساعدك على الراحة النفسية تجاههم، وتمكنك من القيام بخطوة العمل بشكل أفضل لمصلحة العمل ومصلحتك الشخصية بالتواصل مع الناس والحياة بعيدًا قليلا عن مسؤولية متابعة الأبناء فقط دون أي أمر آخر في الحياة، فأنتِ لست أماً فقط، أنتِ إنسانة وأم وابنة وصديقة وزوجة وقادرة على العطاء في المجتمع، فما حدثتك عنه هو الجرعة المناسبة، والتي هي فقط التي تجعل كل من في المعادلة يشعر بالأمان والاستقرار النفسي، أتمنى لكي كل الخير.
آخر تعديل بتاريخ
28 مارس 2023

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.