17 مارس 2018

متعلق بصديقي ويستغلني

أعاني من تعلق بصديق لي على الرغم من انه يسبب لي العديد من المتاعب النفسية، ولا يجد مانعا في استغلالي او تقليل قدري، ومع ذلك لا استطيع ان اخذ موقفا تجاهه، كما اني دائما ما اعاني من غيرة عند ارتباطه باصدقاء غيري، كما اجد اني اتعامل معه بصورة يغلفها الانفصام، و يتخللها الضعف و اجد نفسي احيانا منهمكا في البكاء لعدم قدرتي على اتخاذ موقف تجاهه او استضعافي الشديد منه، كما انه دائما يوحي لي انه هو من يسمح لي بالبقاء معه والاستمرار في ذلك، وانه لولا تعلقي الشديد به لتركني، والجدير بالذكر اننا نعيش في مكان واحد نأكل ونشرب ونلبس سويا، واظن ان هذا الشعور قد سبق ومررت به مع صديق اخر وافترقنا لأسباب قهرية،، الرجاء الاجابة لانني اشعر بأنني بت عبداً واقف مكتوف الأيدي أمام مشكلتي.
أهلا بك يا أيمن؛
رغم ألمك الذي لمسته بقوة في سطورك، إلا أني سعيدة أنك سميت ما تفعله بنفسك باسمه الحقيقي؛ فالعلاقة الصحية بين أي اثنين علاقة فيها ندية، والندية لا أعني بها تناطحا، أو تعاركا، بل تساويا، فكل منا واحد صحيح.

وكلما وجدنا أنفسنا نتعامل مع انفسنا على أننا أنصاف، كلما سرت العلاقة في مسار غير صحي؛ والعلاقة الصحية فيها قبول، وفيها كل منا مهم؛ فلا أحد أهم من الآخر، ولا أحد بلا قيمة، وكلامي هذا يخص أي علاقة بين أي اثنين تحت أي مسمى، وكذلك فيها احترام، ورعاية وأخذ وعطاء، والعلاقة التي نأخذ فيها فقط علاقة عرجاء، والعلاقة التي نعطي فيها فقط علاقة عرجاء.

والسؤال هنا لا ينبغي أن يكون: ماذا أفعل في تلك العلاقة؟ والسؤال الصحيح هو: لماذا أفعل هكذا في تلك العلاقة؟ والأسباب الحقيقية تتعلق باحتياجاتك يا ولدي؛ فكل البشر يولدون باحتياجات يجب أن يأخذوها؛ وتحديداً من والديهما حتى ينشأوا في حالة استقرار نفسي.

وحين يفقد الشخص تلك الاحتياجات فإنه ينشأ وقد صار بداخله ثقب أسود كبير لا يملؤه أي علاقة، أو أي عطاء من أي آخر غير الوالدين إلا في وضع واحد.. وهو أن يدرك ويفهم الشخص حقيقة ما يحدث معه، ويقرر أن يصبح مسؤولا عن تغيير ما عرفه بشجاعة، وصبر، ودأب.

فأنت تحتاج أن تصدق أنك تستحق الحب دون أن تدفع ثمنا له، وتحتاج أن يكون وجودك فارقا في حياة إنسان، وتحتاج أن تحترم مشاعرك، وتحتاج لونس ومشاركة، وتحتاج أن تصدق انك مهم، وموجود، وتحتاج أن تصدق أنك مقبول، وهذه ليست احتياجاتك أنت، ولكنها احتياجات كل البشر وأولهم أنا.

وكان من المفروض أن تحصل على تلك الاحتياجات من أبيك وأمك، ولكن لأننا نغرق في الأمية النفسية، والأمية التربوية، فمعظم بيوتنا لم تعطِ تلك الاحتياجات بطرق صحية للأبناء، ولعل عذرهم أنهم أيضاً في نفس هذا المستنقع الذي نحيا فيه بكل هذا الجهل، أو أنهم أحبوا أبناءهم كما تصورت عقولهم، والحقيقة أن الغرق في تلك النقطة لن يسمن، ولن يغني من جوع.

لكن رؤية الصورة بهذا الوضوح تساعدك على فهم سبب ما تشعر به من عبودية تجاه صديقك، هو أنك تريد احتياجاتك من والديك دون أن تدري من هذا الصديق؛ فتلتصق به دون أن تدري، وكأنه أبوك، أو تتسول الحب؛ بالتعلق، والصبر المؤذي على دور الضحية المقيت، وهذا أقبح ما يمكن أن يفعله إنسان بنفسه.

احتياجاتك هي حقوقك التي أراد الله لك أن تأخذها، وليس معنى أنك لم تحصل عليها كما يجب ان تحيا دور الضحية مع أي شخص؛ فأول ما يجب عليك فعله هو التخلص فورا من دور الضحية الذي أتقنته هذا، وأن تقرر برجوله وشجاعة ألا تتسول احتياجاتك من أي شخص، وأن تعود لتأخذ احتياجاتك من والديك، ولا تقل لا مجال؛ فلقد خلقهم الله بشرا مثلك يحتاجون ما تحتاجه، فكن شجاعا، وخذ حقك، واطلبه منهما برفق.

من المهم أيضا ألا تنسى أن أي شخص يؤذيك لم يؤذك من تلقاء نفسه هكذا، ولكنه لم يكن في إمكانه أن يؤذيك إلا بسماحك أنت له، والإنسان حين يرى شخصا يتعلق به تعلقا غير طبيعي يزهد فيه، ويشعر بالاختناق من تلك العلاقة؛ لأنها ببساطة غير صحية.

صديقي الكريم إن لم تتمكن من إدراك ما قلته أو تنفيذه؛ فلا تيأس من ذلك، واطلب المساعدة المتخصصة في شكل فردي، أو في شكل جروب جماعي؛ فأنت تستحق هذا الجهد؛ لتعود لنفسك الحقيقية بلا أي أدوار، وسيساعدك ما اقترحته عليك كثيرا جدا.. دمت بخير.


اقرأ أيضاً:
إدمان العلاقات الاعتمادية.. مشكلة لها حل
الاحتياجات غير المشبعة وإدمان العلاقات المسيئة
أرجوك لا تتركني.. عن قلق الفقد والانفصال
آخر تعديل بتاريخ
17 مارس 2018