متزوجة وأموري مستقرة لكن الأحزان تلاحقني بسبب معاملة أمي
أنا بكره أمى طول أل 25 سنة الماضية وأنا عايشة في وجع وتعب بسببها، هى بتفرض رأيها وبتلغى شخصيتنا أنا وكل أهل البيت، على طول صراخ في البيت وشخصية لوامة، بعد التخرج اشتغلت وكنت لما أرجع البيت بتلومنى إني مبعملش حاجة معاها ولما أعمل تفضل فوق دماغي اعملي بالطريقة كذا كإني آلة وبتحركني، الآن أنا اتجوزت ومرتاحة مع جوزي بس مش حاسة إنى كويسة عايزة أبكي وحزينة مش عارفة أتخلص من الوجع الماضي.
ابنتي هبة:
نعم الجرح لم يُداوَ بعد رغم محاولات الهروب منه بطرق مختلفة، صغيرة وواضحة كانت، أم كبيرة وغير واضحة، أو العكس؛ لذا الحل دوماً -بلا جدال- يكون بالذهاب بشجاعة تجاه الألم لعلاجه حتى يقف نزيفه ويندمل، حتى وإن ترك بعض الأثر الطبيعي، والذي لا يعيق مرورك عليه شيء ولا يزعجك؛ فتتهربين منه، وهذا العلاج عبارة عن رحلة تحتاج لمناخ آمن وثقة؛ حيث ستقابلين فيها الكثير من الاستكشاف الذي سيفرحك عن نفسك ولم يكن هناك فرصة كافية في الماضي لمعرفته عن نفسك والفرح به أو تقديره بصدق واستقرار ثابت وحقيقي يملؤك من الداخل، وستواجهين بعض الألم الذي يحقق النضج والتحرر من ثقل الماضي بالمرور من خلاله، وقلت "بعض" لأني أعنيها، فألم الاستكشاف ألم نمو، فهو ألم شريف له غاية وبداية ونهاية ووضوح، على عكس هذا الألم الذي تعيشين فيه ليس له نهاية يبلع حياتك غير واضح تماماً ولا يوصلك لشيء.
وبالطبع التواصل مع متخصص بشكل مباشر هو الأفضل على الاطلاق لتمام تلك الرحلة بالشكل الأمثل، وحتى يحدث ذلك يمكنني اقتراح بعض الأمور لتتعاملي معها بصدق ومسؤولية، وتفهم نابع من قلبك وليس عقلك. وسأترك لك الآتي لتتفكري فيه:
- الكره في حقيقته يعني أن الشخص الذي نكرهه يعني لنا الكثير، أو ما يفعله يضغط على أمر يعني لنا الكثير؛ فلا تتعجبي لهذا يا ابنتي، فالطفل يحب ويحتاج أمه، ويريد في نفس الوقت أن يشعر بوجوده، فالكره وراءه "حب غاضب جداً" ولم توفق أمك في حل مشكلاتها الداخلية التي تجعلها ناقدة ومسيطرة، والسيطرة هي طريقة الشخص الخائف العاجز عن إيجاد حلول أخرى غير التحكم، وهذا لا يبرر تصرفاتها، ولكن فقط أدعوك لمعرفة أمر قد لا تدركيه، فهي لها قصتها التي حولتها لهذا الشخص الخائف القلق، ولم يتم علاج ذلك.
- تحدثي مع أمك عما يؤلمك من طريقة تعاملها وليس هي كشخص، فالبشر يتقبلون سماع الحديث عما يتصرفون به بقلب مفتوح فقط؛ حين يحدثهم من أمامهم عن استقبالهم لتصرفاتهم وليس باتهامهم أو لومهم أو انتقادهم فهذا ما فعلته دون وعي نفسي به؛ جعل ما تشعرين به موجع، فلا تفعلي مثلها ولا تصمتي للمزيد منه في نفس الوقت والطريقة التي اقترحها حققت وضعا أفضل مع أناس كثر، وسأوضح بمثال: لما بتقوليلي عملتي ده كده ليه أو اعملي كده أنا بحس إني غبية وإنك بتكرهيني وإني بضايقك وده بيخليني حزينة وزعلانة لأني مش عاوزة أعملها كدة أو ليا طريقة تانية مضايقاكي فبكون مش عارفة أعمل إيه ميزعلكيش ولا يزعلني في نفس الوقت وده بيتكرر كتير".
- اصبري على استيعابها، وكرري تلك الطريقة، وكلما كررتيها كما اقترحت؛ كلما تغير ما بينكما، الصبر المخطط له له مفعول كبير، وليس كالصبر الأخرق الذي لا يعني سوى الصمت والتحمل.
- تدربي على طرق عدم قبول النقد اللاذع أو الحاد؛ بدءاً من النظرة التي تعني "عادي مش لازم كده" مرورا بالتعبير اللفظي بطريقة لطيفه سلسة، وانتهاء بعدم الاستجابة المهذبة للقيام بعمل أمر ما بطريقة ما دون تحدٍ أو شجار أو تكثيف للمشاعر واستبدالهم بالتبسيط، والفكاهة، وتوضيح بسيط لأننا سنصل لنفس الهدف وإن تغيرت الطريقة دون حدوث كوراث (ما تقلقيش يا ماما هيبقى طعمها حلو جربي بس تشوفي مع ابتسامة أو تربيت)
- أعلم أن ما أقوله ليس سهلا، ولكنه كذلك طريق لراحتك، وربنا بمرور الوقت تحدث بينكما مصارحة أفضل بطريقة جيدة تجعلك تعبرين عن ألمك وأثره عليكِ وتوقعاتك منها، فلا تنسي أنها رحلة، وليست كالمعمل الذي نضع فيه مادة على مادة لننتظر نتائج متوقعة سريعة، وربما تشاركي زوجك ما تمرين به وتفكري فيه، وتحاولي تعديله ليكون مؤنساً لكِ ومشاركاً لتلك الأمور.
ودمتِ بخير.
