صحــــتك
05 يناير 2021

كيف أتعامل مع ابنة زوجي المراهقة؟

السلام عليكم، سبق وأرسلت لكم، أنا متزوجة منذ اكثر من شهر برجل لديه ٤ أطفال، المشكلة اليوم البنت عندها 14 سنة صعبة جدا حقودة وشديدة الغل، بالإضافه إلى أنها شديدة الغيرة على والدها، أمها تركتهم وسرقتهم وكانت تضربهم حتى الإصابة، ورغم ذلك هي الوحيدة من إخوتها متعلقة بها رغم الاهانة، وانا رغم أني أحسن معاملتها بشهادة الجميع وأعاملها بحب، لا اجني منها سوى محاولة تطفيشي من المنزل والأسلوب المتعجرف والتدخل في حياتي بمنتهى البرود، والشدة من قبل والدها لم تجن سوى العناد والشعور بالنصر والتعامل بلطف لا يجني سوي التكبر والندية والتمادي في الخطأ. فما الحل معاها؟ أضيف ان الجميع يقول إنها مثل أمها في صفات الحقد والغل وتدمير البيت ولا أعلم هل هذه عوامل وراثية أم اكتساب؟
كيف أتعامل مع ابنة زوجي المراهقة؟
أهلا وسهلا بك يا خديجة، 
هذه السن من أصعب سنوات عمر الإنسان حتى وإن كان سويا، فمرحلة المراهقة مرحلة حرجة وشائكة تحتاج لكثير من التفهم والصبر والذكاء في التعامل، ففيها الإنسان يمر بأزمات نفسية عميقة لا يدركها هو شخصيا؛ فيراجع كل قيمه، ويراجع كل ما يندرج تحت عنوان "لا بد"؛ ليكسر كل ما يمكن كسره فيها؛ فإن كان لا بد أن يطيع الكلام فيبدأ في المخالفة والجدال، وإن كان لا بد أن ينام مبكرا فيسهر بلا فائدة تذكر، وإن كان لا بد أن يحترم الناس؛ فيكسر قواعد الاحترام ولو قليلا، ويفعل ذلك تحت ضغط تغيير هرمونات جسده التي إن شبهتها بأنها مثل التسونامي التي لا يمكن للإنسان التصدي لها منفردا فلن أكون مبالغا.

فالمراهق ضعيف هش من الداخل صعب المراس من الخارج، يبدو باردا من الخارج، وبداخله حمم وبراكين لا يتمكن من قمعها في أوقات كثيرة، حساس جداً رغم ما يظهره من ألفاظ ثقيلة أو تصرفات فظة، ويبحث عن هويته، وجذوره التي يرجو أن ينتمي إليها حتى يتمكن من تقليل حدة الصراع بداخله، ناهيك عن صراع التفاعل الاجتماعي مع من في نفس سنه وقصصه الكثيرة التي تصل إلى درجة مرعبة في بعض الاحيان، وذلك يقودني لأن أوضح لك أن مرحلة المراهقة ليست مرحلة جامحة عند كل المراهقين؛ فهناك من كانت مراهقته سلسة بشكل عام، أو أقل حدة مما وصفت، وهم كثر، ولكن في مثل حالة ابنة زوجك الأمر يختلف، فهي غالباً الابنة الكبرى، وكبير إخوته كثيرا ما يتعرض لمواقف نفسية ليست بالهينة لأسباب كثيرة، خصوصاً إن كانت الأم شخصية صعبة أو كانت هناك خلافات كثيرة بين الزوجين تشهدها نفسية الطفل وهي قد تعرضت للأمرين.

ولم أقل لك كل هذا لتتهمي نفسك بأي شيء تجاهها، ولكن ليكون لديك بعض التفسير لتصرفاتها معك، ولتضمي بجانب تلك التفسيرات سببا علميا وجدناه يظهر في تلك المرحلة من العمر لو كان البناء النفسي للشخص قد أصابه اضطراب يجعل الشخص صعبا في التواصل معه، ولقد سألت عن الوراثة وأقول لك إن هناك جزءا وراثيا بالفعل حتى وإن لم يكن جينيا فقط، فنحن نرث الأمور حين نتعايش يومياً وبشكل تفصيلي مع شخصيات قريبة جدا نحتاج لوجودها، حتى وإن كانت شخصيات مؤذية أو صعبة، كالأم؛ فالطفل سيظل يحتاج أمه حتى وإن فعلت في نفسيته ما يشيب له الولدان كما يقولون، لأنه لا يملك رفاهية تغيرها، فهي في وقت من الأوقات كل العالم الذي يعرفه ولا يتمكن من تغييره لعالم آخر مجهول يحتمل رعبا أكبر، لذا فاحتمال وراثتها بشكل جيني أو سلوكي الخصال الانفعالية غير الطبيعية وارد جدا.

واحتمال تأثير والدتها عليها أكثر منك أنت، الموجودة بالفعل مع تفاصيل حياتها معك رغم جمالك الذي يظهر من سطورك، وارد جدا لسببين: أولهما ما ذكرته لك في ما يخص أن أمها هي عالمها التي عرفته ولن تعرف سواه وتخاف أن تضيع بدونه - على المستوى النفسي العميق أقصد - وربما والدتها تحشو رأسها بأمور تتعلق بوالدها وما فعله معها، أو بك أنت، تجعلها مشوشة أكثر من تشويش المراهقة عليها، فتخرج في أسوأ صورها، والثاني: أنها ستحتاج لوعي ضخم حتى تتمكن من رؤية الحياة والبشر ونفسها وأمها بالشكل الصحيح، وهذا يأخذ سنوات وسنوات وبشروط لا يمكن أن تطالبي نفسك بالصبر عليها إطلاقاً، وألا تكوني ظالمة لنفسك، لذا فأنت تحتاجين بجانب تفهمك لكل هذا أن تقرري بشجاعة أن تكوني معها شخصا طبيعيا لا يتكلف تصرفات ناعمة معها في غير موضعهان ولا يقسو عليها من دون داع، فحين تخطئ تخبرينها بوضوح محايد أن هذا التصرف غير مقبول ولا يمكنك أن تتجاوزي عنه، وحين تتصرف بلطف أشيدي بهذا، ولا بد من وضع حدود وثواب وعقاب لأنك أنت من تعيشين معها في تفاصيل حياتها واحتياجاتها، ولعلها تصلح حالها بالاستدامه على ذلك من دون إفراط ومن دون تفريط في حقك من الاحترام والتقدير.

كل هذا يتطلب منك جهدا حقيقيا في القيام بهذا بطريقة متوازنة، وكذلك بحديث واضح في هذا الشأن مع زوجك، توضحي له أنك تدركين مدى خوفه وحرصه على ابنته، وقد يصل حرصه إلى درجة تجعله يغض الطرف عن تصرفاتها غير المقبولة، حتى لو كنت أمها، وأن هذا يؤذيك كثيرا من دون أن يعلم، وأنك تحتاجين منه أن يرى مدى ألمك من تصرفاتها وعدم قدرته على رؤية ألمك مع حرصه الشديد عليها، وهذا يجعلك بين المطرقة والسندان، وتشعرين بعجز لا تتمكنين معه حل الوضع وتحتاجين منه أن "يرى" ما يحدث بداخلك، ولم أقل لك أن تقولي له أنك تحتاجين أن يتصرف أو يقف بجانبك أو ما شابه، فكل ذلك غير مفيد أبدأ ولن يجعله يتصرف بشكل أفضل؛ فسيحركه فقط أن يرى ويتعاطف مع ما يحدث بداخلك من ألم، مع تقديرك الكبير لحرصه على ابنته في نفس الوقت، وإن فعلت ذلك ولم يحدث تغيير لمدة 6 أشهر فلا مفر من مراجعة متخصص نفسي يساعدكم على التواصل الجيد، أو ربما قد - وأقول قد - يرى اضطرابا نفسيا يجعله يقرر خطة علاج لها تنقذها وتنقذكم جميعا.


اقرئي أيضاً:
افهم علاقات أبنائك المراهقين مع أقرانهم
كيف تساعد ابنك على تجاوز اكتئاب المراهقة؟


آخر تعديل بتاريخ
05 يناير 2021

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.