قلق وعدم ثقة بالنفس وخوف واكتئاب
القلق صار آفة عصرنا بالفعل، فقد أشارت الدراسات إلى أن هناك خلطة تجمع بين القلق والاكتئاب تحديدا، فأنت لست وحدك في تلك المعاناة، ولكن تحتاجين لمراجعة الأحداث الجديدة التي طرأت عليك بهدوء لتتمكني من معرفتها قبل التسرع بقول لا شيء.
الأحداث التي تسبب القلق والعصبية والخوف تكون مؤشرا قويا جدا لمعرفة طريقة التفكير التي توقعنا في القلق والاكتئاب، وهذه هي الخطوة الثانية التي ستقومين بها لتتعرفي على طريقة تفكيرك التي في الغالب تكون سلبية، وخاطئة، أو على الأقل حاسمة وكأن ليس هناك تفسيرا آخر لما يزعجك.
لقد اكتشفنا من خلال المئات والمئات من البشر أن أكثر من 90 في المائة من القلق الذي ينغص عليهم عيشهم كان متوهما!، فالقلق والخوف موجودان بالفعل، بل ولهما وظائف نفسية نحتاجها لتساعدنا على البذل والقيام بأدوارنا، لكن الزائد منهما يكون معطلا، ويجعل الشخص محاصرا رغم رحابة المكان، والحياة؛ فلتتوقفي عن تغذية القلق والخوف حتى يتوقف تضخمهما بفعل تفكيرك، وتذكري الآتي:
- القلق مفيد كمحفز للإنجاز في أي مساحة من مساحات حياتنا فقط لا غير، والزائد منه معطل ينتج عن التفكير المضخم للأمور، ويمكنك مساعدة نفسك بالقراءة في أخطاء التفكير.
- القلق الذي يتخذ في الاتساع سيوقعك في العديد من الأعراض النفسية المزعجة؛ فقيامك بخطوة تعديل تفكيرك غاية في الأهمية.
-التعبير عن مشاعرك وما يجول بخاطرك لشخص قريب منك تطمئنين على نفسك معه سيفيدك كثيرا جدا.
-المواظبة الدائمة على التنفس الصحي يوميا في أول الصباح، أو قبل النوم لمدة 10 دقائق سيساعدك كثيرا، وإذا تمكنت من عمل بعض تمارين الاسترخاء سيكون أفضل.
- الانخراط في أنشطة اجتماعية، ترفيهية، ثقافية، فنية، إلخ سيساعدك كثيرا.
-هناك أمر لاحظت جدواه مع بعض من يعانون مثل معاناتك، فإن أردت أن تجربيه فلا بأس، وهو أن يتفق الشخص مع نفسه اتفاقا حازما بأنه سيحدد وقتا ومكانا للقلق لا يقلق خارجهما مهما حدث، وحين يدهمه الشعور بالقلق يتذكر أنه لن يقلق الآن ﻷن ميعاد القلق ومكانه ليس الآن!، وبالفعل ساعد هذا التدريب الكثير منهم..
بقي فقط أن أوضح لك كيفية تعديل طريقة تفكيرك والتوصية بالتواصل مع متخصص نفسي ماهر إن لم تتمكني من القيام بتلك الخطوات وحدك، أما تعديل التفكير فيأتي أولا باكتشاف كيف تفكرين وأين يكمن الخطأ ثم كيفية تعديله.
فمثلا، اتصلت بابنك فلم يرد عليك لفترات طويلة، فكيف ستفكرين؟؟ ستفكرين أنه بالتأكيد حدث له مكروه يمنعه من الرد، أو أنه يفعل الآن أمرا ترفضينه، أو أنه لا يرغب في الرد عليك..هنا القلق ليس بسبب أنه لم يرد إطلاقا، ولكن بسبب ما فكرت فيه؛ فعدم رده قد يكون سببه أنه لا يسمع التلفون، أو ﻷنه صامت، أو ﻷنه لا يرغب في سماع محاضراتك المعتادة، أو ﻷنه لا يتمكن من الرد لوجوده وسط ناس لن يكون مرتاحا معهم حين يرد عليك بتلقائية...إلخ.
إذن قلقك كان سببه ما فكرت فيه وليس الحدث نفسه، وهنا يحدث التعديل..بأن تتوقعي أنه سيتصل هو حين يتمكن، أو أنك تحتاجين مراجعة علاقتك معه حتى لا يتفادى الصدام معك بعدم الرد، أو حتى إذا لا قدر الله كان قد حدث له مكروه فستتمكنين من التفكير فيما يجب عليك فعله بشكل سليم.
اعلمي أن تلك الخطوة ليست سهلة، ولكنها كذلك ليست مستحيلة، وأن بإمكانك أن تحققي تغيييرا كبيرا في حجم القلق الذي تعانين منه إذا تدربت على طريقة تفكير سليمة.
دمت سالمة.