زوجي نرجسي وكل حياتي تتمحور حوله
تزوجت برجل تبيّن لي أنه يحمل نوعا من النرجسية.. فقبل الزواج اشترطت عليه الدراسة والعمل ولكنه بعد الزواج كان يماطل إلى أن رفض أخيرا عملي ودراستي وحتى خروجي دون إذنه، وطلبت الطلاق لأنني اكتشف خيانته خمس مرات، وفي كل مرة أطلب الطلاق يعتذر ويعود منكسرا... قمت بإعادة شريط حياتي معه كاملا لمدة 14 عاما كان يتخللها بعض السعادة لكنها كانت تدور حوله فهو لا يقوم بإخراجنا للتنزه أو غيره إلا إذا كان هناك شيء يصب في مصلحته.
الأخت الكريمة أروى:
ما أصعب اكتشاف أمر صعب مثل ما تقولين، وما أصعب ذلك الخنجر الجارح للأنوثة حين يخون الرجل امرأته التي تشاركه الحياة بهضابها وسهولها، وما أقبح الكذب حين يكون مستتراً، وما أفظعه حين يكون معلناً، ولكن حتى يكون الحديث منصفاً متزناً، من المهم أن نتأكد من حقيقة ما نرى قبل الوقوع في الحزن الذي ندفع ثمنه من سلامتنا النفسية قبل أي شيء آخر، فالنرجسية اضطراب كبير في شخصية الإنسان الذي يعيش به، يحتاج فعلاً لمتخصص يقر بذلك بعد عدة جلسات يتحقق منها أن الشخص نرجسي؛ لأن هذا الاضطراب حوله نطاق كبير لا يعد اضطراباً رغم ما يحمله من تشابه يشوش أحيانًا على المتخصص نفسه؛ لذلك يحتاج للعديد من الجلسات ليتمكن من معرفة حقيقة ما يمر به هذا الشخص، فليس كل أناني نرجسي، وليس كل متحكم أو كاذب يكون نرجسيا أو سيكوباث، فقد يحمل الشخص صفات مزعجة ولكنه ليس مضطرباً بالشكل المرضي الذي تعلمناه، ولا يقطع الشك باليقين سماع فيديوهات أو قراءة للأسف، مهما وجدنا من تشابه.
لذا وجدت أن الأمانة تقتضي توضيح ذلك لكِ ولكل القراء، حيث أصبح التعامل مع قصة النرجسية بالذات "كتريند"!، وليس معنى ذلك أنني أنفي أنه قد يكون نرجسياً بالفعل، فقط أردت أن أوضح تلك النقطة لأنها فارقة، ولا يحددها سوى المعالج الماهر.
والحقيقة الأخرى التي اقترح عليكِ أهمية الوقوف عندها هو "أنتِ"، فلتطرحي على نفسك هذا السؤال المهم: لماذا تكيفْتِ مع هذا الوضع حتى تلك اللحظة؟ وانفضي عنك مقاومة رؤية الحقيقة دون رتوش لا تمت لها بصلة، كمصلحة الأبناء، أو الوضع المالي، أو أن لديه ما يقدمه في بعض الأوقات.. إلخ، فكل هذا إن كان صحيحاً كان سيخفف عنك هذا الألم أو الحزن الذي يملأ سطورك، فهل مصلحة الأولاد مادية فقط؟ فلماذا أنتِ حزينة إن كانت القصة قصة ماديات؟ وهل ما يقدمه يشبعك ويشعرك بالرضا؟
والحقيقة الأكثر وضوحاً هو أننا وجدنا أن الشخصية النرجسية الفعلية لا ترتبط إلا بأشخاص معينة تحمل صفات تجعلهم يتكيفون مع صعوباتهم، وهذا هو بيت القصيد يا صديقتي، فإذا أنتِ في حالة مراجعة لحياتك خلال الأعوام الكثيرة الفائتة؛ فلتراجعي هذا الأمر واجعليه على رأس القائمة، لماذا تتخذي وضع التكيف والتجمد؟ حتى رسالتك الآن لنا ليس واضحاً فيها سؤال أو طلب محدد! ولا تفعلي ذلك لتعيشي في المزيد من الحزن والوجع، ولكن ليكون الوضع واضحاً أمامك واختياراتك واضحة لكِ ومسؤولة عنها تماماً، حتى لو كانت تخص البقاء معه، فهذا الوضع أحترم وأقدر جداً صعوبة الاختيارات فيه، ولكن فقط لتكوني واضحة وتكفّي المشاعر عن النزف فيما يتعلق بما كان، أو التمني المؤذي، وأسأل الله لكِ الاستقرار ووضوح الاختيارات ودمت بخير.