14 سبتمبر 2022

توفي أبي وتوقفت حياتي بعده.. أصبحت اتمنى الموت

توفي أبي وبعد فترة عندما يصادفني شيء مضحك وأضحك منه، أشعر بالذنب، وكأن سكينة تنهش بقلبي، لدرجة وصلت إلى مرحلة لا أنام أبداً، لحد ما يغمى عليّ. كيف أتخطى هذه المرحلة، فأنا أتمنى الموت واللحاق به.

اسأل الله سبحانه وتعالى أن يفرج كربك ويرزقك السكينة يا ولدي؛

لعل مشكلتك هذه ومناقشتها تأتيان بالفائدة عليّ أيضاً، فلقد توفيت والدتي منذ أكثر من شهر تقريباً، وأشعر بحزن وفقد مثلك، ربما كانت كلماتي لك تؤنسني وتؤنسك في الوقت نفسه، والحقيقة أن ما تتحدث عنه يقول إنك ما زلت تحتاج إلى أن تأخذ وقتك في الحزن على فقد والدك لتتمكن من  المرور  بمراحل التعبير عن حزنك وفقدك له ومخاوفك وتأتنس بالذكريات وما تركه لك من أثر، سواء بشكل واضح أو ضمني.

وهذه العملية مهمة جداً في تجاوز الحزن بشكل صحي، فلا تدع كلام المجتمع، وخصوصاً الذكور، يجعلك تقفز من فوق حزنك دون هضمه، ولا تترك نفسك في ذات الوقت دون مناقشة أفكارك ومخاوفك بمنطق للتخلص من المبالغات فيها أو تضع خطة مبدئية للتعامل معها بشكل عملي وواقعي؛ فتكتفي بالبقاء مع حزنك على فراقه حتى يلتئم هذا الحزن، فلا يكون بمرارة، أو رعب شديد.

وهنا قد تحتاج للحديث عن حزنك وافتقادك لوالدك مع شخص تأتمنه على مشاعرك وتعلم أنه لن يحكم عليك ولن يوجه إليك وعظاً ومحاضرات لا تتعلق بما تشعر به، رغم موافقة عقلك على كلامه، وتحاول بعد فترة أن تقوم بما كان سيسعده منك. وتذكر أنه موجود حتى وإن غاب جسده؛ فهو موجود ربما في ملامحك، موجود بما كان يشير به عليك، موجود بآرائه واختياراته، فأحباؤنا لا يختفون بموتهم هذا الاختفاء الصفري، وكلما ضحكت، تذكر أنه يريد لك السعادة وسعادتك تسعده، ولعل مرورك بهضم حزنك يجعلك تتمكن من السعادة بصدق، ويجعلك ترى ما لا يمكنك رؤيته الآن، لأن الحزن ما زال يحتاج منك إلى توازن بين التعبير عنه والاقتراب منه دون أن تغرق فيه، فيغرق وجودك وأحلامك يا ولدي، وهذا عكس ما ترجوه لنفسك ويرجوه لك أبوك، وإن أردت المزيد من المتابعة، فأنا هنا من أجلك...

آخر تعديل بتاريخ
14 سبتمبر 2022