24 يوليو 2018

الهرمون غير منتظم بعد استئصال الدرقية

مرحبا. أعاني من عدم استقرار هرمون FT4 (هرمون الغدة الدرقية الحر) مع العلم أني استأصلت الغدة الدرقية كاملا في عام 2015؛ مما تسبب لي في مشاكل صحية، كاضطراب في المعدة وفقدان الشهية وألم في المفاصل أحيانا، وخاصة جفاف داخل جسمي؛ مما يصعب علي إخراج الفضلات بصعوبة، ولقد تناولت اليود المشع بعد العملية، ومنذ ذلك اليوم آخذ دواء ليفوتيروكس مرة 100، وبعد أسبوع 125، وبعد عشرة أيام 150 ثم 100، وهكذا دواليك إلى يومنا هذا.. طبعا مع التحاليل، أرشدوني جزاكم الله خيرا، وشكرا.
الأستاذ محمد؛
تحية طيبة لكم؛
سؤالك رغم صغره ووضوحه إلا أنه يحتاج إلى إجابة مفصلة وعميقة نوعاً ما، فقبل الإجابة قد تحتاج لفهم جزئية معينة، وهي كيف يحدث التوازن الطبيعي لهرمون الغدة الدرقية داخل الجسم، وبعد ذلك ستصبح الإجابة عن سؤالكم سهلة، وسأوجز الأمر في نقاط محدّدة:
- أولاً
الغدة الدرقية هي غدة صماء (في الجزء الأمامي للرقبة)، تفرز هرمونها T4 (وهو هرمون غير نشط) في الدم، ليتحول في الدم إلى الشكل النشط T3.. الذي يعمل على أنسجة وأعضاء الجسم لأداء وظيفته المطلوبة.



- ثانياً
لكي تفرز الغدة الدرقية هرمون T4 لا بد لهرمون الغدة النخامية في المخ TSH أن يفرز لينشط الغدة الدرقية على العمل، وعندما يزيد TSH يزيد إفراز T4، وعندما يقل TSH يقل إفراز T4، وإفراز الغدة النخامية للـ TSH معتمد على مستوى T4 في الدم، والعكس بالعكس؛ فزيادة T4 تقلل TSH، وقلة T4 تزيد TSH، وهكذا يكون هناك توازن طبيعي حتى لا تختل وظائف الغدة الدرقية، واختلال أي منهما يؤدي إلى أمراض مختلفة نستطيع تشخيصها بعمل تحاليل كاملة للغدة الدرقية.

- ثالثاً
الأدوية التي تعطى كهرمون بديل في حالة النقص، هي هرمون شبيه بـ T4، وهنا قد يأتي سؤال وهو لماذا لا نعطي هرمون T3 النشط مباشرة بدلاً من إعطاء الهرمون غير النشط؟ والإجابة أن T4 يستطيع عبور الحاجز المخي بطريقة أفضل من T3، وبالتالي يستطيع الوصول للغدة النخامية، والتأثير على إفرازها TSH، وبالتالي الحفاظ على ميزان الهرمونات في الجسم.

وحاجتنا لهذا التوازن مهمة، فارتفاع هرمون TSH يؤثر سلباً في المريض، وخاصة مرضى أورام الغدة الدرقية.. فيفضل أن يكون مستواه أقل من 0.5 بالدم، ودائماً ما نتابع تحسن المريض بمتابعة TSH كل شهر إلى شهرين لأن عملية توازن الهرمون في الدم تأخذ أسابيع، ولذا فمتابعته في مدة أقل من شهر هو متابعة عديمة الفائدة إلا إذا كان الطبيب المعالج يحتاج متابعة أمر معين ذي أهمية مثل التأكد من أخذ المريض العلاج أو غير ذلك، ولكن عادة تكون المتابعات ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر.

وأيضاً يقول الخبراء إن عدم أخذ جرعة واحدة أو نسيان جرعة قد يؤثر على مستوى الهرمون بالدم، ولذا ينصحون بدوام أخذه يومياً بطريقة منظمة.

- رابعاً
قد يكون مستوى هرمون T4 جيداً في الدم، ولكن المريض يعاني من أعراض قلته، مثل زيادة الوزن أو ضعف الشهية أو الكسل أو الإمساك، ولهذا أسباب ومؤثرات عدة مثل: العمر والجنس (كونه ذكراً أو أنثى)، وعند السيدات انقطاع الطمث، وهذه مؤثرات قد تحدث بعض الاختلافات في مدى استجابة المريض للعلاج مثل امتصاصه وتحويله للهرمون النشط إلخ.

وهناك أسباب أكثر أهمية وتأثيراً لظهور أعراض انخفاض الغدة برغم أخذ العلاج:
١. عدم الانتظام في تناول العلاج (عدم تناول جرعة أو أكثر قد تؤثر سلباً على مستوى الهرمون في الدم).
٢. وجود أمراض تخص الامتصاص، مثل بعض الأمراض المناعية (مرض كرونز ومرض عدم تحمل اللاكتوز ومرض السيلياك).
٣. الإصابة بالبكتيريا الحلزونية المسببة لقرحة المعدة والاثني عشر.
٤. زيادة في بروتين الغلوبيولين الذي يحمل هرمون T4، وبالتالي يقلل من وجوده حراً في الدم لأداء وظيفته.
٥. وجود مضادات مناعية للهرمون.
٦. وجود اختلال في غدة أخرى مثل الغدة النخامية أو الكظرية.
٧. بعض المرضى قد يكون عندهم نقص في الإنزيم الذي يحول T4 غير النشط إلى T3 نشط، وبالتالي يكون مستوى T4 جيداً، ولكنه غير فعال في الجسم.

معذرة وأعلم أنني قد أكون أصبتك بالملل أو التباس الأمور، وبالتالي ألخص لك دورك سيدي الفاضل في كل هذه الأمور؛ وأنصحك بالانتظام في العلاج يومياً من دون نسيان جرعة واحدة، والمتابعة مع استشاري الغدد الصماء، وإبلاغه بأي أعراض (سواء تخص الغدة أو الجهاز الهضمي أو أي أعراض أخرى غريبة غير معتادة) في المتابعات لإجراء الفحوصات الضرورية، وبالتالي الوصول للعلاج الأمثل.

تمنياتنا لكم بالشفاء، وأتمنى أن أكون قد أجبت على استفساركم، وتحياتي لكم ودمتم بخير.
آخر تعديل بتاريخ
24 يوليو 2018