04 يناير 2024

الشعور بالوحدة وكيفية التغلب عليه

لدي مشكلة هي أنه ليس لدي أصحاب، ولا توجد أي حاجة في حياتي تفرحني، أنا فقيرة، ولا أشعر بوجود أحد إلى جانبي، لا صاحب ولا أخ ولا أخت، ما الحل؟

عزيزتي:

هل تعلمين أن معنى اسمك هو الحلوة اللذيذة الكاملة العَذبة، نعم يا صغيرتي، فاسمك ليس صدفة، فاسم كل إنسان هو حقيقته وهويته حتى يستقر فيه، وحتى وإن لم تشعري بذلك الآن، أو شعرتِ بعكسه كما اتضح من رسالتك، فلا زالت تلك هي الحقيقة، ويبدو أن إحساسك كما قلتِ بأنَك فقيرة قد ربطتِّه بعدم وجود أحد في حياتك بأي صورة، وهذا الربط أيضاً يحتاج لمراجعة، فالفقر ليس شيئاً مبهجاً؛ ولكن تعاملك معه هو الذي يُحْدث الفارق، فقد يكون هناك شخص فقير، ولكنه غير نظيف في جسمه وملابسه وسلوكياته؛ فينفر الناس منه، فهل ابتعدوا عنه لفقره؟! وهل إذا كان لا يملك هذا الفقير سوى طاقماً واحداً فقط للخروج، ولكن دومًا هذا الطاقم نظيف ومكوي ورائحته طيبة؛ أتجدين فارقاً بينهما؟ هل تتصورين إقبال الناس على الاثنين سيكون واحداً؟ وذلك مجرد مثل بسيط جداً يخص الفقر وطريقة التعامل معه بقبوله دون الاستسلام أو الشجار معه، فرفضك لفقرك لن يزيد الطين إلا بلَّة، واستسلامك له كذلك، ولكن قبول وجوده الآن هو ما سيساعدك على القيام بأمور أخرى لم تكن في حسبانك أنك قادرة عليها أو يمكنك تعديلها وملاحظتها؛ فقط لأنك كنت مشغولة في داخل نفسك بمعركة رفض الفقر أو الاستسلام له.

ويمكنك مراجعة بعض التفاصيل الأخرى التي تتعلق ربما بصَمْتِك لو كان كثيراً، مثلاً؛ فالإنسان صعب أن يُقبِل على التعرف والتقرب من شخص صامت معظم الوقت، أو لا يعرف عنه شيئًا يخص تفكيره أو مشاعره أو ما يحبه، وهكذا، فلو كان ذلك موجوداً فلتبدئي في التعرف بصدق على حقيقة صمتك هذا، هل مثلاً لخوفك من قول رأيك أمام آخرين؟ أو كيف سيتم مقابلته من الآخرين؟، أم لإحساسك أنه ربما يكون ليس له قيمة؟ أو لن يضيف شيئاً مذكوراً؟ فكل ذلك يحتاج لمراجعة؛ لأنه ببساطة غير صحيح، وحتى لا ندخل في جدالات حول صحته من عدمه؛ أدعوكِ أن تستمعي لمن يتحدثون من زملائكِ، أو أي تجمع بأي شكل، هل كل حديثهم هادف ذو إضافة، أو ناجع كما يقولون؟، بالطبع لا، ولكن القصة في أنك لا تصدقين من داخلك أنك موجودة، وأن من حقكِ أن تتحدثي وتعبِّري عن نفسك، فإن كانت المشكلة في ذلك؛ فمراجعة تلك النقطة هي الحل.

وليس معنى ذلك أن كل مَن حولك لا يريدون القرب منك، أو لا يحبونك، وكذلك أريدك أن تراجعي "فكرة" أنه ليس عندك أي أحد في حياتي، لا صديق ولا حبيب ولا أخ، فهل أنتِ وحيدة والديك؟ هل فعلاً لا يوجد أي شخص تماماً في حياتك؟ أهل، أقارب، جيران، معارف، مدرسين ... إلخ؟ فإن كان هناك ولو شخص واحد موجودًا في حياتك؛ فأدعوك لتغيير تلك الفكرة، فقد يكون الأمر مختلطاً فقط عليكِ، لأنه لا يوجد شخص "قريب منك كما تريدين"، فتخلقي لديك إحساسًا يأخذ حجماً أكثر من حقيقته حين ترددين بداخلك بأنك وحدك، لا أحد معك أبدًا، ولا أحد يحبك! فيكون إحساسًا يخص أنك تفتقدين شخصًا قريبًا منكِ تشعرين بحبه لكِ كما أنتِ، وهذا ليس بقليل، ولكنه يختلف كثيراً عن الإحساس الأول، وتحدَّثنا قليلاً في بعض الأمور التي تخص ربما تصرفاتك، وإن أردتِ مواصلة التواصل بيننا هنا لمتابعة تساؤلاتك فنحن هنا من أجلك، وربما تزوِّدينا من تفاصيل غابت في رسالتك تلك المرة، هيا ابدئي بما حدثتكِ عنه، وستجدين اختلافاً حين تقومين بذلك بشجاعة وعزم، ودمتِ بخير.

آخر تعديل بتاريخ
04 يناير 2024