30 ديسمبر 2023

الاضطرابات النفسية وعلاقتها بفقدان الشهية

أعاني من مشكلة سبَّبت لي فقدان الشهية، أتناول وجبة واحدة في اليوم، ولا أتناول سوى البسكويت، والسبب أنه لدي اشمئزاز من الحشرات، فعند رؤية حشرة ميتة، مثل أبو بريص أبدأ بفقدان الشهية والاشمئزاز من الطعام، ما الحل؟

الأخ الفاضل:

دعنا أولاً معاً نرى عن قرب ما الذي يحدث لديك، فرؤيتك لحشرة أو قتل حشرة، خاصة "البرص"، يجعلك تشعر بالاشمئزاز، ويجعلك عالقاً في هذا المشهد لأسبوع، ونظراً لأننا نتواصل هنا عبر شبكة الإنترنت التي لا تعوض 100٪؜  عن التواصل الشخصي بينك وبين معالِج يشعر بك ويستفسر عن كل ما يحتاج لمعرفته ويساعدك، ويستشعر روحك، وأنت كذلك؛ فأقول لك ببساطة أرجو ألا تكون مُخِلَّة: هناك أمران واضحان لي: أولهما الاشمئزاز، وهذا الشعور مما يُعرف لدينا في مجالنا النفسي هو من المشاعر الأساسية مثل الخوف والغضب والحزن والفرح، وليس ثانوياً مثل التوتر والانزعاج والكره ... إلخ، أي هو شعور أساسي عندنا نحن البشر.

ولكن أدعوك هنا أن تحاول تذكُّر كيف اختبرته لأول مرة في حياتك؟ هل تستطيع أن تتذكر؟ هل تتذكر نفسك والموقف، وما حدث، وما كنت تحتاج له وقتها من شخص أو من أي أحد؟ فكلما تمكّنت من التعرف على ذلك، ثم تأخذ برهة لتكون حاضراً بقلبك مع هذا الموقف، ومن ثَمَّ تقديم التَفَهُم والتقدير لاشمئزاز الطفل، واحترام ذلك وتعاطفك معه وقتها كطفل صغير لا يفهم الشيء الكثير، وتستشعر ما كان يشعره فعلاً وقتها؛ خفَّت استثارة هذا الشعور بشكل كبير ومتلاحق لديك، وأنت الآن في الخامسة والعشرين.

وثانيهما: أن تعلقك بمنظر الحشرة أو قتلها لا يخصّ المنظر في حدّ ذاته؛ ولكنه يخصّ رغبة بداخلك للتعلق أنت بها لفترة، وهنا يساعدك "سؤال مهم" كلما جاءتك إجابة عليه مهما كانت غريبة أو بديهية، أكمل مع الإجابة بنفس السؤال مرة ومرات بصدق؛ فتصل لحقيقة ما يحدث، والسؤال هو "ما الذي سيحدث؟، فمثلاً ما الذي سيحدث إذا نسيت ذلك المنظر؟ وانتظِر إجابة تتردد بداخلك، ولنفترض أن الإجابة كانت سآكل مثلاً، اسأل نفسك ثانيةً: وما الذي سيحدث إذا أكلت؟ وانتظر الإجابة واطرح نفس السؤال ثانية على الإجابة الجديدة بتؤدة وتركيز وصدق، وهكذا، حتى تصل لحقيقة الأمر، فقد يكون مفاجئاً لك ولا يتعلق بالطعام من الأساس، أو قد يكون بسيطاً جداً وتَجد اختلافاً كثيراً في علاقتك بالأكل ذاته، وقد قلت لك هذين الاقتراحين لكي تبدأ بهما مع نفسك، وإن لم تتمكن من ذلك، فتواصَل مع معالج نفسي ماهر لديك كي يساعدك بشكل أقرب وأفضل للخروج من تلك المعاناة.

آخر تعديل بتاريخ
30 ديسمبر 2023