أحبه من بعيد.. عذاب مقيم لا أجد منه مهرباً

ابنتي أنت فعلاً في حالة استنزاف، ولكن ليس كما تتصورين؛ أنه بسبب عدم تأكدك من تبادل حبه لك.

ولكن يبدو أن هناك تفسيرات أخرى لما تفعلينه بنفسك، وأول هذه التفسيرات هو أنك لا تحبين نفسك، وحب النفس مختلف عن الأنانية أو الغرور، فنحن حين نحب أنفسنا بصدق نحميها من العذاب غير المبرر، نحميها من الدخول في علاقات مؤذية تستنزفها، وتوجعها، ونتعهدها برفق بما قد نجده فيها، ونفعل قدراتها، ومواهبها، هذا هو حبنا ﻷنفسنا.

وقد يكون التفسير الآخر هو الحاجة الشديدة؛ ﻷن تشعري أن هناك من تهتمين له ويهتم لك، ولكن بطلك لا يسير على السيناريو؛ فتعودين لضغطك على نفسك بما تسمينه استنزافاً حتى لو ظل عامين؛ فما تعيشين فيه من عامين يحتاج منك أن تتأملي كيف غزلت قصة ومشاعر مع شخص لم تتحدثي معه قط؛ أنت تراقبينه من بعيد؛ فكيف هو من الداخل؟ ما هي أحلامه؟ كيف هو في المسؤولية وحقيقة الرجولة؟ كيف هو حين يغضب؟ ومتى ولماذا يغضب؟ كيف يرى المرأة وكيف يتعامل معها في علاقة قريبة؟ ما الذي يحبه وما يكرهه؟؟.. إلخ. فبالله عليك كيف تحبين شخصاً لا تعرفينه؟ كيف تعانين مشاعر تسمينها حباً زيفاً مع شخص مجهول لا تعلمين حتى، هل يحب أخرى ويرتبط بها عاطفيا أم لا؟ أم تراك تطمئنين نفسك بتفسيرك لنظراته بالحب؟؟ وحتى لو كان يهتم لك؛ فهو ما زال أمامه سنوات حتى يتمكن من إتمام الزواج؟ أم تريدين حباً فقط؟

ابنتي تحتاجين أن تعترفي أنك تحتاجين أن تحبي رجلاً ويحبك رجل؛ فهذا حقك، ولكن متى، وكيف، ومن هو. وحقيقة الأمر للحصول على ما تحتاجينه وهو بالمناسبة حقك المشروع؛ فلتتحملي افتقادك لهذا الحق الآن، واشغلي نفسك بتطوير نفسك، واكتشافها، وتحصيلها الدراسي، والقرب الحقيقي منها حتى تحصلي على حقك من الشخص المناسب في الوقت المناسب وكما تستحقين.. دمت بخير.

اقرئي أيضاً:
عن الاحتياج للحب.. والطريق إلى الاعتمادية
هل الزواج علاقة؟
الحب.. صور نفسية ومعانٍ منسية