أبحث عن أبي بكل الذين يتقدمون لخطبتي!
توفي أبي منذ سبع سنين وأشعر بأنني لم أتعاف من صدمة الفقدان لأنه كان قريب لي جدا أشعر بأن كل علاقاتي فاشلة بسبب أنني أبحث عنه في كل شخص يدخل حياتي وعندما لا أجده تفشل العلاقة لا أدري لماذا أبحث عنه في غيره؟!
عزيزتي؛
أسأل الله العظيم أن يتغمده برحمته وعفوه ويرحمه رحمة واسعة، وربما يرد على تساؤلك عدة نقاط تحتاجين لمعرفتها وتفهمها ليحدث التغيير أو ليحدث تحضير للتغير بشكل أكثر قرباً من واقعك من خلال متخصص ماهر يساعدك على تجاوز ذلك، وأبدأ تلك النقاط بالتالي:
- ارتباطك الشديد بوالدك يملأه الحب والرعاية، ولكن الزائد منه دوماً يجعل الإنسان من الداخل طفلاً لا يكبر، فيحتاج لمن يرعاه دوماً، ولا يتمكن من القيام بمسؤولياته الذاتية بنفسه لنفسه لأجل نفسه، وأقصد هنا الرعاية النفسية والاعتماد على وجود من يهدهد، ويشجع، ويحتوي، ويتفقد أحوالنا، ويساعدنا على القيام بأمورنا الذاتية المادية والنفسية كمهارات تحمل الإحباط، واحترام حدودنا النفسية لنا ولغيرنا، والقدرة على مواجهة التحديات، وقبول الخسارة إلخ، ومع غياب هذا النضوج ؛ نبحث عن نفس المحضن دون أن نخطو خطوة" النضوج الداخلي"، والاعتماد على الذات، وهذا لا يعني بالطبع التخلي عن العلاقات وما تقدمه من دعم ومشاركة واهتمام، ولكن هناك فارق ضخم بين نوعي الاهتمام والرعاية والدعم حين يكون من اب لابنته الصغيرة وما يقدمه صديق ناضج لصديقه الناضج .
- الشجاعة النفسية في مواجهة هذا الفقد التجاوزي، فقد إنسان غالٍ تحبينه، ولكن الحجم أكبر؛ لأن الفقد لما كان يحمله عنك وكان في الأساس مسؤوليتك من بعد مرحلة المراهقة، فهذا الكم من الفقد تزداد وطأته؛ لأنه لا يقف عند فقد الأحبة فقط.
- الشخص الغالي علينا لا يختفي بداخلنا حتى مع غيابه حسياً في الحياة؛ لأنه يظل بداخلنا يؤنسنا بما قدمه لنا خلال حياته من نصح وذكريات وونس ودعم؛ فهو موجود ونحصل منه على ما قدمه دون توقف .
- النضوج أو "الكبران" الذي تحتاجينه يتطلب فعلاً شجاعة وتدرجا في نفس الوقت، ولتذكري نفسك كل لحظة في علاقاتك أن فلانا ليس أباكِ، أو حتى فلانة ليست أباكِ، فهذا التلبيس يجعلك لا ترين الشخص الذي أمامك كما هو، ويجعلك في العلاقة كأنك طفلة تتطلب الكثير الذي لا تحتمله العلاقة، بل ولا تتسق مع طبيعتها ووظيفتها ودورها.
- من المهم أن تتخذي خطوة تجاوز تلك المعاناة قبل زواجك؛ لأن زواجك وأنتِ على هذا الحال حتماً سيرهق علاقة الحب والزواج، وسيجعل الطرف الثاني مرهقاً ثم يخرج منه ما لا يخدم العلاقة الزوجية بما تحمله من تحديات وسعادة.
وأخيرًا.. أدعو لك أن تكوني بكل خير، وأن تأخذي تلك الخطوة بجدية لأجلك ولأجل زوجك وأولادك من بعده بإذن الله، وأصدقك القول إن هذا الأمر ليس سهلاً ولكنه في نفس الوقت ليس مستحيلاً، ومن مرت بمثل ما مررت به وكانت شجاعة؛ تغيرت وتحررت من قيد الطفولة العالقه فيه وتحسنت علاقتها بنفسها وبالآخرين كثيرا جدا، هيا ابدئي.
