آثار إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم
يوجد لديّ شخص راشد تعرض لسوء معاملة والهجر من الأب في مرحلة الطفولة، ولديه العديد من الأفكار المتعلقة بالآلهة، مثل هل الله موجود، لو كانت الإجابة نعم هو أين، ولماذا هو مختفي، ولماذا يوجد ظلم ولا يوقفه، ولماذا يرضى بالظلم الموجود، هل يمكن علاج هذه الأفكار إذا بدأ الشخص جلسات علاج نفسي أم لا؟
الأخت الكريمة:
رغم بساطة سؤالك، فإن إجابته ليست بهذه البساطة، ولكنني سأحاول أن أوضح ما يمكنني توضيحه.
أول أمر أريد توضيحه هو المعالج نفسه، هل هو معالج يتمكن فعلا من ممارسة الأصالة والتعاطف، والحيادية؟ فيتمكن من الإحساس الصادق بما يمر به الشخص من معاناة، حتى وإن كان مختاراً لذاته أمرًا آخر، أو يعتقد اعتقاد مخالف للعميل؟ وألا يكون متظاهراً بحياديته وتعاطفه لهدف إقناعه بوجود إله مثلاً، وأن يكون أخذ قصة الإلحاد أو ما حول الإلحاد بدراسة، أو متابعة ناضجة، فيكون على دراية بمشاعر هؤلاء المتألّمين في علاقتهم بخالقهم، حتى وإن فقدوا بوصلة ما في تواصلهم معه سبحانه، ويكون لديه قدرة على التعامل مع الأفكار بطرق إبداعية متفهمة وحديثة تتواكب مع مؤثرات العصر وطبيعته، ويتمكن من اكتساب ثقته ليتعرف على المزيد من المؤثرات التي جعلت آثارها تمتد لمنطقة الثقة والعلاقة بالله سبحانه ووجوده، واحترام الحكمة والمقدرات بعيدا عن لغة الماديات، والكثير الكثير، وكذلك هو شخصياً واستعداده، فالذي يسأل هو أنتِ وليس هو، فمن المعلوم تماماً أنه لا أحد يتغير إن لم يرد هو ذلك من داخله، ودفع ثمن ذلك بمجهود وإرادة.
وأتمنى أن يحظى بهذا المتخصص والذي أُفضِّل أن يكون رجلاً، فذلك في حد ذاته علاج لنموذج الأب الذي تشوه بداخله، وكلما كانت العلاقة العلاجية مهنية ومتراكمة؛ يحدث علاج علاقته الجريحة بوالده في سياق العلاج ككل.
