تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى ثلثَي النساء الحوامل يتناولن الأسيتامينوفين أو الباراسيتامول (يباع تحت الاسم التجاري تايلينول) عندما يشعرن بالألم، ويُعتَقد عمومًا أن هذا الدواء هو مسكّن الألم الأكثر أمانًا لهنّ، فهل تناول الباراسيتامول أثناء الحمل آمن حقًّا؟
تشير دراسة جديدة نُشرت في مجلة أبحاث طب الأطفال إلى أن الاستخدام المتكرر للأسيتامينوفين أو الباراسيتامول يمكن أن يؤدي إلى تأخّر اللغة بين الأطفال الصغار.
تفاصيل الدراسة: هل تناول الباراسيتامول أثناء الحمل آمن؟
درس باحثون من جامعة إلينوي أوربانا شامبين (the University of Illinois Urbana-Champaign) مجموعةً من 532 طفلاً حديث الولادة، وقاموا بجمع البيانات اللغوية عند عمر سنتَين لدى 298 منهم، وفي عمر 3 سنوات لدى 254 منهم.
أثناء فترة الحمل، تمت مقابلة الأمهات كل 4 إلى 6 أسابيع حول استخدامهنّ لدواء باراسيتامول، ومرة أخرى بعد 24 ساعة من الولادة.
وبناءً على هذه التقييمات، أفاد الباحثون أن تناول الباراسيتامول في الثلثين الثاني والثالث من الحَمل كان مرتبطًا بتأخير كبير في تطور اللغة المبكر، وفقًا لبيان صحفيّ للجامعة. علاوة على ذلك، يبدو أن كل استخدام إضافي لباراسيتامول في الثلث الثالث من الحَمل يرتبط بكلمتَين أقل في مفردات طفل يبلغ من العمر عامين.
يشير هذا إلى أنه إذا تناولت المرأة الحامل دواء الباراسيتامول 13 مرة، أو مرة واحدة في الأسبوع، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من ذلك الحمل، فقد يَستخدم طفلها كلمات أقل بمقدار 26 كلمة في عمر السنتَين، مقارنة بالأطفال الآخرين في هذا العمر.
وأفاد الباحثون أيضًا أن استخدام الباراسيتامول في الثلث الثالث من الحَمل له التأثير الأكبر على تطور اللغة بين الأطفال في سن الثالثة.
تأثير استخدام الباراسيتامول في الثلث الثاني والثالث أثناء الحمل مهم بشكل خاص، ولا يُنصح باستخدام مسكنات الألم الأخرى مثل الإيبوبروفين وغيره من الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات بعد الأشهر الثلاثة الأولى، بسبب خطر حدوث مضاعفات وآثار ضارة على نمو الجنين. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الثلث الثاني والثالث هو الجزء من الحمل الذي يتطور به دماغ الجنين.
لذا؛ فإن هذه النتائج مثيرة للقلق للغاية، لأن الباراسيتامول أو الأسيتامينوفين كان الدواء الآمن الوحيد الذي يُستخدم لعلاج الحمى أثناء الحمل.
هذه الدراسة ليست الأولى التي تربط الباراسيتامول بتطور الجنين
على سبيل المثال، ربطت دراستان سابقتان استخدام هذا الدواء أثناء الحمل بتأخير اللغة، بالإضافة إلى زيادة المخاطر المرتبطة بنقص الانتباه واضطراب فرط النشاط (ADHD)، ولكن هل تناول الباراسيتامول أثناء الحمل آمن؟
إجابة علمية: هل تناول الباراسيتامول أثناء الحمل آمن؟
ما تزال أبحاث الباراسيتامول وتأخر اللغة عند الأطفال بعيدة عن أن تكون حاسمة، واتفق الخبراء على أن هذه الدراسة الجديدة تم تصميمها وتنفيذها بشكل جيد، لكنهم حذَّروا من استخلاص استنتاجات قاطعة حول الإجابة عن سؤال: هل تناول الباراسيتامول أثناء الحمل آمن؟ وعن السلامة النسبية للباراسيتامول بالنسبة للنساء الحوامل في هذه المرحلة المبكرة. وبحسب الخبراء، من المهم توخّي الحذر في تفسير نتائج دراسة واحدة.
على الرغم من أن هذا البحث يثير أسئلة مثيرة للاهتمام، مثل هل تناول الباراسيتامول أثناء الحمل آمن؟ وما هو البديل الأكثر أمانًا؟ وما هي التأثيرات التي لم تتم دراستها بعد بشأن استخدامه؟ إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث قبل الوصول إلى استنتاجات نهائية.
هل تناول الباراسيتامول أثناء الحمل آمن؟ هذا هو السؤال الذي يجب طرحه؟
بدلًا من سؤال: هل تناول الباراسيتامول أثناء الحمل آمن؟ السؤال الشامل يجب أن يكون: هل كشفت الدراسة عن وجود علاقة سببية بين عقار الأسيتامينوفين وتطور اللغة؟ أم أنها كشفت عن وجود ارتباط زمني بين الاثنين.
أي هل الباراسيتامول مجرد وكيل لشيء آخر يحدث في نفس الوقت تقريبًا؟ وفي غياب آلية عمل الباراسيتامول في كونه يسبب مشكلات في تطور اللغة، فمن المرجح أن العدوى أو الالتهاب -الأسباب التي يتم على إثرها إعطاء الباراسيتامول في كثير من الأحيان، كما يشير مؤلفو الدراسة أنفسهم- يمكن أن تفسر بشكل أفضل التغيرات في الدماغ، التي بدورها يمكن أن تؤدي إلى مشكلات لغوية.
ولكن يجب التنويه على النساء الحوامل تناول الأدوية "الآمِنة" باعتدال، وعدم تناولها إلا عندما يَشعرن أنها ضرورية. وعند وجود شك، يجب استشارة طبيب النسائية والتوليد.
نهايةً، تُضاف هذه النتائج إلى الأبحاث الجارية حول الباراسيتامول ونمو الجنين، لكن لا ينبغي أن تغيِّر التوصيات الحالية حول الباراسيتامول وسلامته للمرأة الحامل ونمو الجنين.
