نجحَت تجربة سريرية جديدة في استعادة سَمع خمسة مشاركين من الأطفال الصم منذ الولادة باستخدام العلاج الجيني (الوراثي)، وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Science Advances العلمية. وبعد ستة أشهر من التجربة، أصبح هؤلاء الأطفال قادرين على التعرُّف على الكلام وإجراء المحادثات، ممّا زاد الآمال في استخدامه على نطاق أوسع في المستقبل القريب.
العلاج الجيني لاستعادة سمع الأطفال الصم
كان الأطفال الصم الذين شاركوا في التجربة يعانون من حالة وراثية تُعرف باسم الصَّمم الوراثي المُتنحِّي 9 (DFNB9)، التي تَنجُم عن طفرة في المورثة (الجين) OTOF التي تُنتج بروتين أوتوفيرلين، الذي بدوره يُساعد على نقل النبضات الكهربائية من قوقَعة الأذن إلى الدماغ حيث يمكن تفسيرها على أنها صوت، ولكن بدونه لن تصل هذه الإشارات إلى الدماغ على الإطلاق. ولأن هذا المرض ناجم عن طَفرة جينية واحدة، ولا ينطوي على أي ضرر مادي للخلايا، يقول الفريق إن DFNB9 هو المرشّح المثالي لهذا النوع من العلاج الجيني الوراثي.
يتضمّن هذا العلاج الجيني زراعة المورثة (الجين) OTOF في حاملات فيروسية، وحَقن هذه الفيروسات في سائل الأذن الداخلية، وبعد ذلك تتوجّه هذه الفيروسات نحو الخلايا الموجودة في قوقَعة الأذن، وتنقل الجين إليها، فيبدأ الجين في إنتاج بروتين أوتوفيرلين المفقود، ويؤدي هذا إلى استعادة السمع.
بارقة أمل.. العلاج الجيني يُعيد سمع الأطفال الصم
أجرى هذه الدراسة باحثون في كلية الطب بجامعة هارفارد، وجامعة ماساتشوستس للعيون والأذن، وجامعة فودان، في الصين. وشارك فيها ستة من الأطفال الصمّ الذين تتراوح أعمارهم بين السنة والسبع سنوات، وكانوا صُمًا بسبب DFNB9، وزُرعت غرسات قوقعة صناعية لأربعة أطفال منهم.
وبعد العلاج الجيني، تمّت متابعة الأطفال لمدة 26 أسبوعًا، وأظهَرت النتائج تحسّنًا ملحوظًا لخمسة أطفال، وأصبح الأطفال الأكبر سنًا قادرين على فَهم الكلام والردّ عليه، بينما بدأ بعض الأطفال الأصغر يستجيبون للأصوات ونطق كلمات بسيطة مثل "ماما". وللأسف، لم يَستجب واحد من المشاركين للعلاج. وفي حين أن الباحثين ليسوا متأكدين بعد من السبب، فإنهم يشْتَبهون في أن الناقل الفيروسي قد تمَّت إعاقَته بسبب ردّ فِعل مَناعي. يمكن أن تساعد مواصلة الدراسة في إيجاد طريقة للتغلّب على هذه العقبة.
خطوات نحو المستقبل لمساعدة الأطفال الصم
يقول الباحثون إنهم سيستمرون في مراقبة المشاركين في هذه التجربة، بينما سيتم إجراء دراسات المتابعة على أشخاص آخرين. ويقول الفريق إن الموافقة على العلاج في الولايات المتحدة قد تستغرق ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، وقد تم اختبار علاجات وراثية جينية مماثلة لفقدان السمع لأسباب وراثية، أو مرتبطة بالتقدم في العمر.