كان مرض شلل الأطفال منتشراً في كثير من دول العالم، وكان ما ينشأ عنه من شلل في الأطراف السفلية مصدراً لكثير من الألم والمعاناة للمرضى وأهاليهم، وإلى حدوث كثير من المصاعب الاجتماعية والاقتصادية. نشط العلماء في البحث عن لقاح فعّال ضد هذا المرض، خاصة في أمريكا، ربما بسبب إصابة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، والجائحة التي أدَّتْ لإصابة أكثر من 50,000 طفل بُعَيد الحرب العالمية الثانية.

وعلى الرغم من محاولات عديدة قام بها العلماء، إلا أنّ الفضل في الحصول على أول لقاح ناجح ضد مرض شلل الأطفال يعود إلى الأمريكي جوناس إدوارد سولك Jonas Edward Salk (1914-1995) في جامعة بيتسبرغ سنة 1952. قام سولك بتطبيق ذلك اللقاح على نفسه وعلى الفريق الذي شارَكه في تلك الأبحاث.

وقَدَّم عدة برامج على الراديو لتشجيع الناس على أخذ اللقاح، وطبَّق اللقاح في بعض المدارس الابتدائية. ولعل أكبر تجربة طبية تم إجراؤها في التاريخ كانت اختبار فاعلية لقاح شلل الأطفال التي أُجرِيتْ في أمريكا سنة 1954، وشارَكَ فيها أكثر من 1.8 مليون طفلاً في 44 ولاية. أُعلنتْ نتائجها سنة 1955 بمناسبة مرور عشر سنوات على وفاة الرئيس الأمريكي روزفلت. أَظهَرتْ هذه الدراسة فاعلية وسلامة اللقاح في الوقاية من شلل الأطفال فتمَّ تطبيقه على نطاق واسع. بفضل هذا اللقاح، انخفض عدد الإصابات بهذا المرض في أمريكا من 35,000 حالة في سنة 1953 إلى 161 حالة في سنة 1961.

جوناس سولك Jonas Salk أول من حضر لقاحاً فعالاً ضد مرض شلل الأطفال سنة 1952

لقاح آخر ضد شلل الأطفال

نجح الطبيب الأمريكي ألبرت بروس سابين Albert Bruce Sabin (1906-1993) في تحضير لقاح آخر ضد مرض شلل الأطفال ثبت نجاحه سنة 1961. يؤخذ هذا اللقاح الجديد عن طريق الفم، وقد ثبتت فاعليته وسلامته في وقف انتشار مرض شلل الأطفال في دراسات عديدة عند الإنسان، وأصبح الآن اللقاح المعتمد عالمياً في الوقاية من هذا المرض. اخترع سابين لقاحات أخرى ناجحة ضد مرض التهاب الدماغ، وحمى الضنك، كما أبرز إمكانية وجود علاقة بين الفيروسات وبعض أمراض السرطان.

الطبيب الأمريكي ألبرت سابين الذي حضر لقاحاً فعالاً ضد مرض شلل الأطفال سنة 1961

المصدر:

كتاب "قصة المناعة، كيف كشفها رجالها" للدكتور عامر شيخوني