11 أغسطس 2017

والداي مطلقان.. وخطيبي مسافر وأحتاجه

أهلي مطلقين ومش بحب والدي، خطيبي حل محل أبويا في كل احساس، خطيبي بيشتغل بره مصر، وبقاله سبع شهور، ولسه قدامه ست شهور لحد ما يرجع ونتجوز، مش عارفه أتعامل من غيره، وبحاول بس الأيام بتعدي بطئ، ومبقتش بستمتع بحاجه، وبحاول أمشي الدنيا بس أنا بقيت مركزه في الثواني والدقايق والساعات واليوم بقي بيمر عليا سنه، بشتغل ويلعب رياضه وبخرج مع صحابي بس علطول حاسه إني تعبانه ووصلت لمرحلة إني مش بعرف أتنفس بالليل، وأخد مهدئات ومبقتش بتجيب نتيجة، اللي تعبني أكتر انه قاعد في مكان مفيهوش شبكه كويسه فعشان نتكلم بنتعذب، وساعات بنكتفي بالرسايل، ده غير إني بفرش الشقة مع حمايا. مش حاسة إني مخطوبة ومش عارفة أمشي إزاي في المرحله ديه ومش مستمتعة بأي حاجة بعملها في الشقة، ومبقتش عايزه أفرشها
أشعر بمعاناتك جداً، وأشعر باحتياجك لشريك حياتك في تلك المرحلة تماماً، ولكن هناك أمران خطران تقومين بهما يزيدان من معاناتك، ويزيدان من ثقل "العداد" الذي صار يحسب غياب خطيبك بالدقيقة:

- أولهما.. اعتمادية نفسية كبيرة على خطيبك؛ وجوده وحده هو ما يطمئنك، وفرحه هو ما يسعدك، واهتمامه فقط هو ما يهدئ روعك، ووجوده هو ما يجعلك موجودة، وهو الوحيد الذي يسمعك.. الخ، وخطورتها هي نفس خطورة الاستناد "التام" على حائط تلصقين عليه ظهرك؛ فلو حدث أي شيء للحائط أدى لغيابه ستسقطين حتماً.

الحب أعظم وأجمل وأروع مشاعر يذوقها القلب، والائتناس بالحبيب لا يعادله ائتناس، ولكن ليس وحده؛ ما أنت فيه هو اعتمادية نفسية، والاعتمادية تجعل الشخص المعتَمد (بفتح الميم) عليه في حالة إرهاق وضغط يتعبه، ويتعب الشخص المعتمد (بكسر الميم)؛ لأن الشخص في تلك العلاقة لا يمارس طبيعة وحقيقة دوره في العلاقة؛ حيث تعاملين خطيبك أو زوجك باعتبار ما سيكون على أنه "بابا"، وليس زوجك، وستجعلينه يتعامل معك على أنك ابنته رغم أنك زوجته وشريكته؛ والفرق كبير بينهما في كل التفاصيل.

خطيبك ليس أباك الذي سيعوض غياب والدك الذي تكرهينه، وأنت لست الابنة التي تنتظر الدعم، والمواساة، والاحتواء الخاص بالأب، حتى وإن كانت نفس المسميات؛ فحب ودعم، واحتواء الزوج غير حب ودعم واحتواء الأب.

وخطورة تمرير هذا الوضع الآن أنه بمرور الوقت ودون أن تشعرا؛ سيجد نفسه مثقلا بعبء لا يدري سببه، وستجدين نفسك في حالة جوع لا يشبع مهما فعل.

فالآن الآن.. عليك أن "تكبري" من الداخل لتقبلي طلاق والديك حتى لو كنت غير موافقة؛ فقبولك أن ذلك حدث، وأنهما كزوجين من حقهما أن يختارا البقاء معاً أو لا، سيوضح لك الكثير، وبرؤيتك لهما كرجل وامرأة وليسا كأب وأم، سترين الكثير الذي يجعلك تقبلين اختيارهما؛ ولا أخفيك سرا لعل هناك أسبابا لن ترينها أبدا وتكون مؤلمة لأحدهما، أو كلاهما؛ كالعلاقة الجنسية بينهما مثلا، أو غيره مما قد لا تعرفينه، ونضوجك هو ما تحتاجين له لينقذك من حفرة الاعتمادية النفسية بشخص.. أي شخص حتى لو كان حبيبك، أو ابنك، أو زوجك، الخ.

أنت لست نصفا؛ أنت واحد صحيح، يشارك واحد صحيح ليصبحا أحد عشرا في التعامل مع تحديات الحياة.

أما الخطر الثاني هو اختلاق فكرة الوحدة؛ وتصورك أن الوحدة كإحساس هو ما يعطلك؛ ولكن الحقيقة أن الوحدة فكرة.. الوحدة اختيار..؛ فلديك أصدقاء، ولديك أحلام كثيرة في بيت الزوجية، ولديك حياة، ولديك أم، ولديك أب، ولكنك تختارين أن تكوني وحيدة؛ فافتقادك للمشاركة من خطيبك هو ما يؤلمك، لكنك لست وحيدة؛ فحين تنتبهين لهذين الخطرين، وتقررين الآن خلال تلك الفترة أن تستغليها في علاجهما سيكون دليلا حقيقيا لحبك لنفسك؛ مما يجعلك تنعمين بعلاقة حقيقية مع زوج يحبك، وتقبلين الحياة التي لا تحمل لونا واحداً دوما؛ فتقبلين ألمك، وتتجاوزينه؛ لتتمكني من "الفرحة" بصدق، وتبني بيتاً حقيقياً مع علاقة حقيقية صحية لا تلعبين فيها دورا غير دورك؛ يجعلك قادرة على تحمل تحديات الحياه.. هيا ابدئي.

اقرئي أيضاً:
واحد صحيح
الزوجة الأم والزوج الطفل.. مسؤولية مشتركة
آخر تعديل بتاريخ
11 أغسطس 2017