07 يونيو 2019

هل للجن علاقة بنوبات الهلع؟

هل الجن له علاقة بنوبات الهلع؟
أهلا وسهلا بك يا عبد الله،
سؤالك على بساطته سؤال شائك، وذو أبعاد لا ترتبط بالمجال النفسي رغم تورط وجوده فيه بشكل غريب بسبب المعتقدات، والثقافة الموروثة؛ فالجن موجود، وله أثر على الإنسان؛ لأن الله تعالى ذكر وجوده، وحدثنا عن أثره علينا.



ولكن نوع الأثر، وقوته، ومداه هي ما قد يختلف فيها هذان الفريقان – الفريق النفسي والفريق الديني إن جاز التعبير- فحين تحدث ربنا معنا في القرآن أوضح لنا أن الشيطان يمس الإنسان، ويجعله يتخبط في أفعاله ومشاعره، وفي الثبات على قيمه ليحيد عما أراد الله لنا، وهناك سحر يحدث للزوجين بهدف التفريق بينهما، ولا يؤتي نتيجته إلا إذا أذن الله تعالى به؛ وهذا ما أوضحه الله تعالى لنا، وفسرته السيرة العطرة في ما ثبتت صحته من الأحاديث.

ولكن الإنسان الذي يجهل مشاعره، ولم يتعلم كيف يسمي ما يشعر به بالاسم الصحيح؛ كأن يتصور أن ما يشعر به غضب، وهو يشعر بالغيرة مثلا، أو كأن يتصور أنه يحب، وهو معجب فقط.. الخ، أو الإنسان الذي لا يريد من أعماقه أن يبذل جهداً حقيقياً لتغيير وضع لا يريحه، أو ليحل مشكلة تنغص عليه عيشه، أو يغرق في ما يعرف علمياً بالتفكير السحري الذي يُبْنَى على الإيحاءات، واللامنطق، والشائعات، والجهل النفسي، وغيره يجد في إزاحة ما يحدث له، أو يمر به على سبب خفي أقوى منه لا يمكن أن يواجهه "شماعة جاهزة" ليعلق عليها تكاسله، أو تقصيره، أو حتى استبصاره؛ فزواج تلك يتعطل بسبب الجن، وهذا يخسر أمواله بسبب الجن.. الخ.

والحقيقة هي أن جهله، وعدم رغبته في بذل جهد يجعلانه يجري وراء التفسير الغيبي هذا؛ ففي السنوات القديمة مثلا كان من يتعرض لمرض الملاريا؛ فيرتجف، وتظهر عليه علامات الإعياء، وعدم القدرة على القيام أو الحركة، أو غيره، يُعّدّ مصاباً بروح شريرة، وعاش الناس سنوات على ذلك؛ حتى تم اكتشاف مرض الملاريا الذي صار له دواء منخفض السعر يعالج الشخص تماماً.



هذا مثال بسيط على ما يمكن أن يفعله بنا التفكير السحري، ولن أخوض معك أكثر من ذلك لأنني كما ذكرت في البداية أن الموضوع شائك وطويل؛ لذا سأقول لك: إن نوبات الهلع هي مرض نفسي بجدارة؛ يدل على أن الشخص في حالة قلق نفسي كبير زاد عن معدله الطبيعي؛ فيعبر عن وجوده من خلال نوبة الفزع، وفيها الشخص يعاني من أعراض جسدية كالرعشة، وضيق النفس، والضغط المنخفض، وغيره ويظل الشخص يدور على الأطباء، ويقوم بعمل تحاليل وفحوصات متنوعة، وكلها تظهر أن أعضاء الجسم سليمة؛ لأنه ببساطه حينما تثقل الضغوط على جهازنا النفسي وتصبح فوق طاقته؛ فإنه يضطر لأن يستعين بصديقه الحميم، وهو الجسد، فكلما زاد الضغط النفسي؛ قدم الجسم المساعدة من خلال أعضائه؛ فيظل المريض مصدقاً أن لديه أمراً خطيراً في القلب أو الصدر، وأنه سيموت الآن، أو سيفقد عقله.



ولكن، ما الدليل على أن نوبات الهلع مرض نفسي؟ الدليل أن الشخص الذي يخضع للعلاج النفسي الجيد يشفى تماما من تلك النوبات.. فهل أجبتك؟
آخر تعديل بتاريخ
07 يونيو 2019