أهلا وسهلا بك يا ولدي
هناك فرق كبير جدا وشائك جدا بين الخوف، والقلق، فالخوف ببساطة شديدة يتعلق بأمر واضح لصاحبه، أما القلق فهو يتعلق بمجهول لا يعلمه، ولكن ينتظره، ويحذر منه سواء بوعي أو من دون وعي. 

مثلاً قد يكون لديك اختبار في مادة من ستة فصول، ذاكرت منها خمسة فصول فقط، فأنت هنا "تخاف أن تأتي أسئلة من الفصل الذي تركته"، ولكن حين تكون قد ذاكرت كل المادة بشكل جيد جدا، لكنك مرعوب من الامتحان فهنا أنت قلق ولست خائف، من المهم أن تعرف أن ما تشعر به في عمق ذاتك ليس خوفا، ولكن اسمه قلق.

والخوف والقلق من المشاعر الطبيعية جدا، بل نحتاج لوجودها حتى تكون الدافع للتقدم، وتحقيق ما نريده في أي مساحة في حياتنا؛ كالعلاقات، والدراسة، والمكانة، والسفر، وتحمل تحديات الزواج، وبناء أسرة.. إلخ.

ولكن حين يتضخم حجم أحدهما عن المقبول والطبيعي يتحول من دافع لمعطل؛ وكلما زاد التعطيل تعطلت أدوارنا التي يجب أن نقوم بها في الحياة؛ فنتعطل عن علاقاتنا الاجتماعية المطلوبة، أو عن مواصلة الدراسة، أو عن الزواج رغم احتياجنا إليه.. إلخ.

وهنا يصبح الخوف مرضيا، ويتحول القلق الطبيعي لقلق مرضي، وإهمال علاج القلق المرضي يؤدي لإرهاق الجهاز النفسي؛ بتوتر، وسرعة استثارة، وعصبية، وأحلام مزعجة، وحين يرهق الجهاز النفسي من أعراض القلق المرضي يبدأ في طلب المساعدة من الجسم؛ فيبدأ الجسم بالتوجع في مناطق مختلفة وبطريقة مختلفة عن التوجع العضوي الطبيعي، فتزداد دقات القلب مثلا، أو تزداد الرعشة، والتعرق البارد، أو تحدث مشكلات في الجهاز الهضمي، أو في التركيز والتذكر، أو في الشعور وكأنك على حافة الموت، أو الجنون وعدم السيطرة على النفس، ورغم أنها أوجاع عضوية يشعر بها المريض فعلا، إلا أنه مهما قام بعمل فحوصات، وتحاليل، وأشعة لا يجد شيئا؛ وهو ما يعرف علميا بالأعراض "النفسجسدية"، وأنت تعاني من ذلك الآن، فلتتواصل مع معالج متخصص يفحص أفكارك ومخاوفك ليتبين منك مدى درجة قلقك، وليضع معك خطة علاجية تتعلق بسلوكيات، وعلاج أفكار، وقد تحتاج لبعض الأدوية المساعدة، فلتطمئن يا ولدي على جسدك، فهو فقط يحاول مساعدة جهازك النفسي، ولتبدأ في حماية جهازك النفسي بالتواصل مع متخصص ماهر يعينك وستجد تغيراً كبيراً بإذن الله.

اقرأ أيضاً:
غير حياتك واهزم القلق
اضطراب القلق العام.. معاناة مستمرة والعلاج ممكن (ملف)
العلاج النفسي.. رحلة نمو (ملف)