25 سبتمبر 2018

متزوج ومشاكلي مع زوجتي تؤرقني.. كيف أتغير؟

أنا أعمل بالسعودية، متزوج زواج تقليدي، منذ 22 عاما، لدي أولاد، غير سعيد ومش مرتاح، المشاكل بيني وبين زوجتي طول الوقت، شخصية عنيدة وأسلوبها كله تجريح لي ولأهلي، قطعت علاقتها بأهلي، ممكن نتخاصم بالشهر وأكتر، تحولت لشخصيه اجتنابية، وبعملها اللي هي عايزاه عشان أعيش في هدوء، ظهرت في حياتي سيدة ونشأ بيننا حب كبير على الاحترام والتقدير والتفاهم، لقيت معاها الاهتمام والتقدير اللي مالقتهمش طول عمري، فكرت ارتبط بها وتراجعت، وحسيت إني خسرت نفسي، خفت من المواجهه مع زوجتي، وتخيرني بين ولادي وبين اختياري، بدأت في التغيير في نفسي وأسلوبي، فيه أمل أقدر ولوحدي؟ إيه علامات التغيير؟
أهلاً بك أخي الكريم،
التغيير الحقيقي الذي تتمناه، والذي ينتمي حقاً لطبيعة البشر لا يأتي بالقوة، أو بضغطة زر، ولكنه يأتي أولاً حين "تعي" بصدق من داخلك أن لك حقوقاً، نعم.. حقوق لم تأخذها بعد رغم كل تلك السنوات التي سرت فيها طريقاً طويلاً من العمل والزواج والإنجاب.


ولا تندهش حين أقول لك إن تلك الحقوق لم تبدأ منذ زواجك الذي أهدرت فيه حقوقك بشكل فج، ولكن القصة قديمة، فهي حقوق لك لم تأخذها منذ كنت طفلاً صغيراً في بيت والديك؛ فحين نولد ويهبنا الله تعالى لوالدينا؛ يتطلب ذلك أن يعطينا أبوانا تحديداً حقوقنا التي بها يكتمل نظامنا النفسي الداخلي باستقرار، والذي يجعلنا نواجه تحديات الحياة المنطقية التي سنقابلها.

وتلك الحقوق نعبّر عنها علميا باحتياجاتنا النفسية، هذه الاحتياجات التي هي حقوقنا الفطرية التي وضعها الله فينا؛ والتي نحتاج أن نحصل عليها لنتمكن من مسايرة الحياة بشجاعة، وهي على بساطتها إلا أنها ذات أثر قوي جداً فينا أن أكرمنا الله بالحصول عليها، أو إن كان قدرنا الحرمان منها، ومن هذه الاحتياجات والحقوق:
- الحق في أن نحصل على الحب بدون شروط؛ هذا الاحتياج الضخم جدا الذي تترتب على الحرمان منه أمور أضخم في اختياراتنا، وقراراتنا في الحياة؛ فحين تصدق أنك "تستحق" أن تحب.. ستشعر، وتفكر، وتتصرف بشكل مختلف تماما عما لو كنت لا تصدق.
- من الحقوق أيضاً حقك أن تقول "لا" لما ترفضه أو لا تقبله أو لا تهواه، ولكننا تربينا على أن من يقول لا هو قليل الأدب، أو عديم الاحترام.. الخ، رغم أننا سنحتاج إلى أن نقول لا لمن يستغلنا، ونقول لا لمن يسيء لنا، ونقول لا للمعاصي؛ فقول لا من صميم حقوقنا التي أعطاها الله تعالى لنا، وحرمتنا منها ثقافتنا الخرقاء.


وكأني أريد أن أقول إن البداية ستكون في "تصديقك الحقيقي الراسخ" بأن لك حقوقاً مشروعة تستحقها؛ كالحب، والاحترام، والاهتمام، ورؤيتك كما أنت، وأن تقول لا؛ لتتمكن بعدها من ممارستها وأخذها، وكذلك قبول وجودها كحق لمن تتعامل معه.

ولعل زوجتك هكذا معك بسبب استكانتك، أو بسبب أمور أخرى حين تلقى نفسك الحقيقية ستكتشفها، وتراجعها؛ فالحب يؤخذ، ولا سبيل للحصول عليه سوى بالأخذ، وهذا يحتاج إلى التصديق بقوة.



خطواتك الحثيثة نحو نفسك الحقيقية ستعينك على أن ترى حقيقة مخاوفك، وتناقشها بواقعية، وهنا ستكتشف أن الخسارة الكبرى هي خسارة أنفسنا، ونفسك هي نفسك التي تملكها، والتي لها قيمة حتى وإن فارقت من أحببت؛ فقيمتها ووجودها ليسا مرهونين بوجود شخص أو شيء، وهذا الطريق يحتاج إلى جهد، وطاقة يملكها بعضهم، وبعض آخر يحتاج فيها إلى دعم، والدعم يقدمه بشكل متخصص المعالج في شكل مقابلات فردية، أو جماعية تحت إشرافه، هيا أبدأ واعزم، وتوكل على الله؛ فما أجمل أن تجد نفسك، وتكون حراً مسؤولاً في نفس الوقت.. دمت بخير.
آخر تعديل بتاريخ
25 سبتمبر 2018