07 ديسمبر 2019

ما زلت محبوسة في حادثة وفاة أمي

قريت كتاب لأ بطعم الفلامنكو لقيت فيه كتير مني.. ولكن معظم الكلام إن دي حاجات بتحصل بشكل غير واعي مثلاً، فماذا لو كنت واعية تماماً للأسباب والدوافع.. بس يمكن مفيش جرأة التغيير، السؤال التاني من حوالي ١٣ سنة ماما اتوفت قدامي بعد فترة مرض، وده سبب لي ألم نفسي غير عادي.. المشكلة إني من وقتها بحلم أحلام مزعجة جداً جداً فوق التخيل.. معظمها يخص الموت، وغالباً بيتكرر المشهد بتاع موت ماما في الأحلام كتير.. حاولت كتير أغير المكان أو الظروف، مفيش فايدة، أخلام أصلاً فوق طاقتي، وبصحى متضايقة حداً، وطبعاً بتأثر على يومي، وعلى معاملاتي مع الناس وفي الشغل.. أنا كنت مرتبكة نفسياً بيها جداً.. لكن كل إخواتي تخطوا الموضوع إلا أنا.
أهلا وسهلا بك يا سارة،
هناك فارق ضخم بين أن نقرأ عما قد يحدث لنا، أو ما يحدث لنا فعلاً في جهازنا النفسي العميق، الذي يطلق عليه أحيانا العقل الباطن؛ فهو عقل يفكر ويخطط ويتصرف في أعمق مكان في باطننا؛ حيث لا يمكننا التعرف بسهولة عما يحدث في العمق، وبين أن نقترب منه اقتراباً صحياً، بأدوات وتكنيكات متخصصة على يد معالج ماهر يتمكن من استخدامها، وفي نفس الوقت يكون حاضراً بشخصه المتعاطف الآمن الأصيل من خلال علاقة علاجية آمنة صحية لنتحرر من معاناتنا، ورغم أن التثقيف النفسي في غاية الأهمية، وقد يساعد في عمل تغير بسيط أو متوسط لدى الإنسان كل حسب وعيه وتكوينه، والمناخ الذي نشأ فيه، إلا أن سرعة الحركة بين ما يقتنع أو يفهمه العقل تختلف كثيراً عن سرعة الحركة من الناحية النفسية بلا أي جدال.


أنت على مستوى الإدراك تتمكنين من رؤية الكثير عن نفسك، ولكنك ما زلت داخلياً محبوسة في تلك المرحلة الزمنية التي حدثت فيها الوفاة، وقد يكون مرجحاً جداً أن حادث الوفاة هذا كان بمثابة ما يعرف علمياً بالحدث الصادم الذي يكون ذاكرة صدمية تظل تتكرر على الشخص حتى يتم علاجه النفسي، ولكل طرق علاجه، وأدواته، لذا أدعوك بصدق أن تقومي بتلك الخطوة التي تحتاجين إليها، وفعلا يا سارة هذه الخطوة خطوة التغيير تحتاج لشجاعة، ولكنها شجاعة يمكن تحمل تبعاتها، وشجاعة ستجعلك تتحركين من الجمود الذي لفك منذ زمن غير قريب يمنعك عن التقدم الحقيقي واقترانك بحياتك؛ فلا فرح حقيقيا، ولا حماس حقيقيا، ولا أحلام حقيقية، فتتحولين من بطل له دور يقوم به فعلا بكل كيانه؛ لشخص يشاهد حياته كأنها فيلم، وهي كذلك شجاعة ستمكنك من التعرف على حقيقة قوتك ومتانتك النفسية التي غلفتها هشاشة مزيفة لا ترين سواها للأسف.



وأقول لك من خبرة العمر يا بنتي أن الألم لا يمكن تجاوزه إلا بالقرب منه، وأن الخوف لا نتحرر منه إلا بالقرب منه، فلتبدئي يا بنتي رحلتك الحقيقة للتغيير، والتي كثيراً ما تبدأ حين نفهم ما يحدث أو حدث لنا.
آخر تعديل بتاريخ
07 ديسمبر 2019