13 ديسمبر 2018

مات زوجي ليلة عيد ميلاده

مات زوجي ليلة عيد ميلاده الـ41 والألم يعتصر قلبي، لا أدري كيف وهل سيقل هذا الألم الذي أشعر به كل لحظة لفقده
أهلا وسهلا بك يا سالي؛
أشعر بمدى حزنك وألمك يا صديقتي ولك كل الحق في حزنك لفقده، خاصة في يوم خاص له ولك مثل يوم عيد ميلاده، وطبيعي جدا أن يعتصر قلبك الألم، خاصة في بداية حدوث الأمر، وأقول لك: إن المصائب - ولقد قال الله تعالى بنفسه عز وجل في القرآن أن الموت مصيبة - تبدأ كبيرة جداً، وتصغر بمرور الوقت يوماً بعد يوم.



لكن تجاوزها بصدق يحتاج إلى تعامل صحي معها:
فأول ما تحتاجين إليه هو أن تعبري عن مشاعرك المكتومة؛ فبقاؤها داخل نفسك دون التعبير عنها سيجعلها تتضخم، وتتوارى تحت ستار داكن، وتؤثر على كل تصرفاتك من دون وعي؛ فكتم مشاعر غضبك مثلا ستجدينه يخرج في انفعالات أخرى خلال اليوم بأكثر مما يستحق الموقف الحادث دون أن تدري، ولا تنساقي كذلك لفكرة خاطئة تتعلق بأن التعبير عن المشاعر يضخمها، أو يغرقك فيها أكثر، فالحقيقة أنه كلما كنت على وعي بأنك تعبرين عن مشاعرك التي هي حقك؛ كلما أنجاكِ وعيك من ذلك.

وتحتاجين إلى أن تستأنسي بهذه الخطوة مع صديقة، أو إنسانة تشعرين معها بالأمان، وبأنها تفهمك جيدا؛ فلا تصدر عليك حكم مثلا بعدم الرضا بأمر الله، أو تعظك، أو غيره؛ ففي هذه المرحلة أنت بحاجة إلى أن تعبري عن مشاعرك دون مخاوف.


تحتاجين كذلك إلى أن تبحثي عن مصادر الدعم الخاصة بك.. فكلما تلامستِ معها أو مارستها شعرت براحة أو أمان أو ثبات أو رضا أو امتنان لنفسك، وهذه المصادر قد تكون داخلية، كأن تكتشفي مثلا أنك كلما تركت الجزء الشجاع فيك يتحرك، ويمارس دوره، شعرت بمشاعر جيدة، أو حينما تتواصلين بالممارسة مع الجزء الرحيم بداخلك فيزداد امتنانك لنفسك، أو الجزء الذي يعطي، وهكذا، وهناك أيضاً المصادر الخارجية كمصدر العلاقات والبشر من حولك والذين في وجودهم تشعرين بمشاعر جيدة؛ كالأمان، أو السعادة، أو الثقة، أو الاحتواء، أو الاهتمام.. الخ، وهناك مصادر من الطبيعة كالحيوانات، وكذلك القيم، والفن، والإبداع، والحركة.. الخ، وهناك أيضاً العلاقة مع الله. وكلما كنت متواصلة مع مصادر دعمك، تمكنت من السماح لنفسك باستقبال الفرح حتى مع وجود الألم، واستقبال الاهتمام حتى مع وجود مشاعر الفقد.



وبمرور الوقت ستتجاوزين تلك المشاعر الصعبة؛ ليحل محلها القبول الحقيقي للحياة بكل ما تحمله من فقد وونس، وحياة، وموت، وراحة، وكد. دمت بخير.
آخر تعديل بتاريخ
13 ديسمبر 2018