09 سبتمبر 2019

لا أجد عملاً وأهلي يضغطون علي

أنا تعبت من عدم وجود شغل، وقلة المال والأهل اللي يزنون على رأسي، أشعر بتعب شديد جداً في جسدي رغم أني تركت شغلا متعبا منذ مدة وأصحاب الشغل يستغلون الشباب بالشغل الكثير، والمال الأقل، والأوضاع لا تسر عدوا ولا حبيبا، وأنا أهتم بالكتابة و أحبها و أمي تمنعني من أن يتون لي غرفة مستقلة لتحقيق ذاتي فهى لا تثق بي فعلاً لا قولاً، أمي كانت مطلقة وبلغت من العمر عتياً، وأعيش معها، أرجوكم رتبوا لي أخطاء تفكيري وشكراً.
أهلا وسهلا بك يا أحمد؛
صدقت أنت تحتاج لتعديل طريقة تفكيرك التي أشك كثيراً أنها طريقة تفكيرك، ولكنها طريقة تفكير من حولك، ولكنك لم تسمع غيرها، وهذه مشكلة أخرى أراها أكبر بكثير من معاناتك في إيجاد عمل يرضيك، وهي انسياقك الكبير لما تقوله، وتفرضه الحياة من حولك، وأولها والدتك التي ترفض أن تكون لك حجرة مستقلة وانسقتَ لذلك، وأنت في هذا السن تحت أي ادعاء حتى لو كبر سنها، فأي مبرر هذا الذي يجعلك طفلاً تنتظر أن تكبر؟ وما أقوله هذا لا ينطبق فقط على قصة الحجرة المستقلة، ولكنه يخص مساحات كبرت فيها، وتتعامل مع نفسك على أنك طفل، وتنتظر أن يؤذن لك أن تكبر، حتى رؤيتها لك بأنك شخص غير موثوق فيه أنت تصدقها، وتتصرف بناء عليها دون أن تدري.



لا تتصور أني أقسو عليك بكلامي يا ولدي، ولكنني أقول ذلك لأجلك أنت، فأنا هنا لأجلك، والأمانة تقتضي مني ألا أتركك تتعامل مع نفسك على أنك طفل، فمن يتعود على التنازل عن حلمه يتعود أن يتنازل عن أحلامه الواحد تلو الآخر، فأنت تحتاج إلى أن تتحرر من قيد كونك طفلا، لتبدأ في مسؤوليتك تجاه نفسك، ومسؤوليتك تبدأ بأن تتحرر من الشكوى حتى لو كانت الأسباب حقيقية، وهي فعلا حقيقية، ولكن حقيقة وجودك أقوى، وحقيقة شبابك أكبر، وحقيقة كدك أعظم، فكما سترى سيكون، فلو ظللت ترى البؤس والهوان والذل والظلم فلن ترى أبعد منها.



ولكن اسمح لنفسك أن تتحدث معها بشكل مختلف وحقيقي في الوقت نفسه؛ فمثلك كثيرون، ومن أدام الطرق والبحث بذكاء وجد ولو بعد حين، ومن انتهز فرصة حلالا كافأته، ومن بدأ صغيراً وظل في حالة دأب واجتهاد وصل، وكل هذا موجود وحقيقي، فلا تسمع لأهلك واسمع للبراح الذي سينشأ بداخلك حين تقرر أن تكون مسؤولا، فالعقل الحكيم لدى كل شخص يحترم الحقائق، ويحترم المشاعر، ويتمكن من أخذ طريق وسطي متزن بينهما؛ فاستنهضه، ولا تترك الأديب بداخلك يموت، أو يذبل، واروِه كل فترة بشيء يبعث فيه الروح حتى يتمكن في يوم من الأيام من أن يكتب روايته الأولى؛ فالكتابة بحر كبير يحتاج لكثير من التعلم والقراءة، والتدرب؛ فاشغل جزءا من وقتك في تلك المساحة حتى تتمكن من الأديب الذي يرقد بداخلك ينتظر أن ينضج.



واعلم أن ما قلته لك ليس بالأمر الهين، ولكن صدقني يا أحمد حين تقرر بصدق وعزم التغير يحدث التغير وتندهش.. هيا ابدأ يا ولدي.
آخر تعديل بتاريخ
09 سبتمبر 2019