06 ديسمبر 2018

كيف تحول علاقتك بصديقك إلى علاقة حقيقية؟

السلام عليكم، عندي صديق أعتبره أكثر المقربين مني، وهو يعرف ذلك، ويحترمني كثيراً، ولكنني تشاجرت معه لسبب تافه، ورفعت صوتي عليه، ولم أقدر الظروف التي كان يمر بها فاهتزت صورتي أمامه، ولم أصبح بنظره كما كنت سابقاً، ولكني تحدثت معه واعترفت له بخطئي، ووعدته بعدم تكراره، وصارت الأمور طبيعية مرة أخرى، ولكنني أريد أنا أفعل له شيئاً ينسيه ما حصل، ويعيد صورتي أمامه كما كانت مرة أخرى


أهلاً وسهلاً بك يا عمر،
العلاقات الحقيقية الصحية التي تنمو بين شخصين لا تبنى أبداً على روابط الخوف، ولا تتزن بما نحب أن نُرى عليه أمام الآخرين، فأنت في مقتبل عمرك يا عمر، وإن أدركت فعلاً ما أقوله؛ فستكسب أهم كنوز البشر، وهي العلاقات الصحية الشافية.

فنحن نولد بأنفسنا الحقيقية، ونظل نتعرض، ونختبر الحياة، كل حسب ظروفه، أو تجاربه الذاتية، أو حتى من خلال تربية والدينا لنا بدرجات وعيهم النفسي والتربوي؛ فنكتسب أموراً، ونخسر أخرى، فقد نكتسب مهارات في الحياة والدراسة.. إلخ، وقد نخسر حقيقتنا تحت مسميات مثل.. "الصورة التي ينبغي أن أكون عليها"، أو نكتسب التفكير الكثير بعد ما كنا تلقائيين، أو نخسر أماننا الداخلي؛ فنتحول إلى ناس تقلق بشدة، أو نتقيد بالنظام الصارم والدقة؛ فنخسر إبداعنا، وهكذا بمرور الوقت والسنين نخسر ذواتنا الحقيقية من دون أن ندري.



علاقتك بصديقك المقرب هذا يملؤها الخوف من فقده، أو فقد شخص يقدم لك الاحترام الذي قد تكون مفتقده من داخلك، أو الخوف من فقد صورة لك تبذل جهداً جهيداً حتى تظل كما هي؛ فلا تسمح لنفسك الحقيقية أن تعبر عن غضبها، أو حزنها، أو ضعفها؛ فتتحول بمرور الوقت لشخص مقيد من الداخل في علاقات غير صحية تم بناؤها على تلك المخاوف، وغدا، أو بعد الغد القريب؛ ستخسر تلك العلاقات؛ لأنها لم تكن حقيقية، ولا صحية، ولا شافية بالشكل الكافي.

أنا أقول ذلك لأجلك أنت؛ فإن كنت تحب نفسك فعلاً؛ فكن أنت كما أنت، وتخلص من روابط الخوف في علاقاتك، واستبدلها بروابط الحب والقبول، وعدم الحكم، والاحترام، والصدق مع النفس، والآخرين، وستجد فيها شفاء من كل ما يؤلمك، وستجد رضا حقيقياً، وستجد نفسك وتتعهدها فيما قد تجده فيها حتى مع الجهد؛ فحينها سيكون جهدا شريفا.



وانطلاقا من هذا الكلام أدعوك إلى ألا تقلق مما حدث، واجعل ما حدث بداية تواصلك الحقيقي مع نفسك الحقيقية التي قد تخطئ وتضعف وتفشل، وتغضب وتتألم، وسيساعده هذا في أن يتخلى هو الآخر عن وضع قدسية للأشخاص، ويكون نفسه، وهنا تبدأ علاقة حقيقية بينكما لا تقدر بثمن، فلقد علمتني الحياة أننا قد نخسر أموراً نحسبها غالية إلا أن الخسارة الكبرى التي لا تعوض هي خسارتنا أنفسنا.

لقد خسرنا أنفسنا بعلاقات قيدتنا أو شوهتنا نفسياً، ولن يشفي نفوسنا سوى علاقات أخرى صحية.. أرجو من الله، وفي لحظات صدقك مع نفسك، أن تعي فعلا ما قلته لك.. ودمت بخير.
آخر تعديل بتاريخ
06 ديسمبر 2018