12 مارس 2018

كيف أنقذ ابني من إدمان المواد الإباحية؟

ابني عمره 12 سنة، وللأسف عرف طريق المواد الإباحية من فترة، وأصبح مدمناً عليها، اكتشفت الأمر بالصدفة وتحدثت معه وناقشنا الموضوع وأظهر لي قناعته بضررها، ووعد ألا يعيد ذلك، واتفقنا أن آخذ جواله لفترة كعقاب.  لكن للأسف تكرر الأمر، وفي كل مرة نجدد النقاش من زاوية مختلفة ويعد بالتوقف.. حتى صارحني مؤخرا أنه يضعف كثيرا ولا يستطيع الالتزام بوعده. لا أحب أن يتحكم هذا الموضوع في علاقتي به وأن تصبح المراقبة والتخفي والعقاب طبيعة علاقتنا، وكذلك أخشى عليه من استمرار وتطور هذه الممارسات غير السوية وتأثيرها على شخصيته ونفسيته، أحتاج بشدة نصيحة عملية ومفصلة من حضرتك .. ماذا أفعل كي أساعده على تجاوز هذه المشكلة؟
عزيزي عارف
وصلتني رسالتك ونشكرك في صحتك على ثقتك بنا ونرجو أن نكون عند حسن ظنك.
بدايةً أنا ألتمس في كلماتك مزيجاً من حس المسؤولية والحزم مع دفء العلاقة، وهكذا ينبغي أن تكون علاقة الأب بابنه.

ينبغي أن نتفهّم أمرين، أولهما طبيعة هذه المرحلة وبداية اختبار الفرد للمحركات الجنسيّة إذ يتم ضخ هرمون الذكورة بمعدل يقارب خمسين ضعفاً لنسبته قبل البلوغ، وكذلك ضعف تكوين قشرة الدماغ وهي المسؤولة عن مهام الكبح وضبط النزعات، جنباً إلى جنب مع فهمنا لطبيعة المرحلة الزمنية التي تمر بها مجتمعاتنا العربية من فقر في مخارج الطاقة الصحية.

فأولاً
جلسة للفهم والتفهّم، خاصة بينكما ويفضل خارج البيت في مكان هادئ من رجل لرجل، تشاركه فيها بخبرتك في المراهقة، وكيف كانت ضاغطة عليك كما هي معه، وأنك لا تهدف للتحكم فيه بقدر ما ترغب في دعمه والوقوف بجانبه لا فوقه.

ثانياً
استمع واستمع واستمع، ثم تكلم. وحين تتكلم انتق كلماتك بحرص شديد؛ فالمراهقون شديدو الحساسية تجاه رغبات التحكم والفوقية، واشرح له أنك تعترف باحتياجاته وحاجاته، ولكن ترفض الكيفية التي يعبر بها عن ذلك.

ثالثاً
شاهدا سويّاً فيلماً تسجيلياً أو وثائقياً لخطورة هذه المقاطع وأثرها على شبكات الدماغ، انتبه جداً لمصدر الفيلم، لأن الكثير من أفلام مقاومة الإباحية هي متهافتة وغير مؤسسة علمياً، وقد تكون محل سخرية من المراهق بعد ذلك وسبب لفقدان المصداقية، فالثمين موجود لكن يحتاج إلى تنقيب.

رابعاً
الاشتراك سنوياً في وضع خطة للوقاية والتدخل السريع، بمعنى كيف يمكن الوقاية ضد حدوث نوبة إلحاح جنسي، وكيف سنتصرّف عند حدوثها.
- الوقاية
1. الاشتراك في أنشطة ذهنية وبدنية لتفريغ الطاقة وتوجيهها.
2. تشجيعه على الانخراط في مجموعات التوعية والدعم لغيره ضد مخاطر الإباحية.
3. محاولة دمجه في الورش والدورات التي تهتم بتنمية جانب الذكاء الوجداني ورعايته.
4. الاتفاق معه على وضع برامج لحجب المواقع المسيئة، ووضع الحاسوب في مكان ظاهر من البيت، وتحجيم استعمال الهاتف الذكي لمدة شهر واستبداله بهاتف لا يسمح بالدخول للشبكة.
5. تنمية الجانب الروحي بشكل صحّي وليس قهرياً.

- التدخّل السريع
1. تشجيعه على طلب الدعم بمجرد حدوث الإلحاح، ربما مع صديق أو زميل، أو رفقة دار العبادة.
2. تدريبه على مهارات الاسترخاء والتأمل والدعاء، وتكتيكات تشتيت الذهن للخروج من ضغط الفكرة.
3. تدريبه على إحباط الاستجابة فور حدوثها، وقد يكون السماح بالاستمناء عند إلحاح الرغبة حلاً وسطاً قبل الوصول للشبكة.
4. إن فشلت المحاولات السابقة، تشجيعه على معاودة طلب الدعم والمشاركة بالزلة.

ومن خلال العلاقة الدافئة يمكنك مسح شبكة علاقاته، والتأكد من عدم وجود ضغط أقران في هذا الاتجاه، ومن خلال جلسات الحوار والتفهم والمشاركة يتم استبعاد أفراد أو تخفيف العلاقة معهم. والنقطة الأخيرة والذهبية، تشجيعه على القيادة والانخراط مجتمعياً داخل نطاق الأسرة والمجتمع الصغير، وراجع مقالاتي عن الإدمانات والمراهقة.

حفظ الله ابنك وإياك، ويسّر لكل مراهقينا الوصول الآمن لبر الرشد والنضج.

اقرأ أيضاً:
هل أنت مدمن جنس؟
إدمان الجنس.. العلاج ممكن
الإدمان كظاهرة إنسانية
إدمانات مسكوت عنها.. لها خطورتها

آخر تعديل بتاريخ
12 مارس 2018