13 أكتوبر 2018

قلق وخوف وعلاقات متوترة مع أهلي

أستيقظ في الصباح مع شعوري بالقلق والخوف، ويستمر طوال اليوم، وإن نمت على ظهري أفز (اتنبه بشدة) في نومي، لدي ما يقلقني وعلاقتي مع أختي متوترة جدا فهي كئيبة وسلبية، وتؤثر فيّ بذلك، وكذلك أمي كثيرة الشكوى ليس باتجاهي فقط بل بكل شيء، ونفذ صبري، وحتى لدي هاجس للمستقبل والماضي، وقمت بالانفصال عن شخص مقارب لعمري بعد علاقة استمرت أكثر من خمس سنوات، وأيضا لدي أفكار سلبية لا تؤثر في حياتي، لكن أفكر بها، ولا أعلم لماذا لا أتجاهلها.. فقدت اللذة كثيرا، وللعلم كل ما أريده متوفر، والاحترام متوفر.. لكن ما العمل؟
أهلا وسهلا بك يا صغيرتي،
هناك عوامل رئيسية تساعد في تشكيل الإنسان من حيث مشاعره، وأفكاره، وتصرفاته، وهي:
1. الجينات التي يرثها من عائلته والتي ليس بالضرورة أن تكون جيناته من أبيه، وأمه فقط، ولكن أيضا من العائلة الممتدة.
2. كذلك خبراته الذاتية التي مر بها في حياته، والمناخ الذي نشأ فيه وأحاط به.



وكلما كانت العائلة خالية من الاضطرابات النفسية بدرجاتها وأنواعها، وكانت خبراته في الحياة فيها ثقة وقبول، وحب، وعلاقات صحية، وكان المناخ المؤثر فيه مناخا صحيا فيه تعبير عن المشاعر بكل أطيافها، وفيها القبول والدعم والحب الغير مشروط، وخالية من الحكم والمقارنات، والنقد، إلخ.. كان الإنسان مستقرا سوياً ناضجاً قادرا على القيام بأدواره المطلوبة منه باستقرار واتزان في حياته كدوره الدراسي أو العملي، ودوره في مجتمعه، وفي علاقته بالآخرين، وفي علاقته بالله تعالى، ونفسه والحياة.

وكلما انخفضت تلك العوامل؛ زاد تخبطه، وتعطلت أدواره، وتأزمت علاقاته بالناس، ونفسه، والحياة، وبالله تعالى.



ومع ازدياد التقدم العلمي، والبحث الدائم، وعبقرية البشر؛ اكتشفنا أن الإنسان الذي تعرض لهذه الظروف ما زال قادراً على التغيير، والوصول لدرجة الاتزان والاستقرار، حتى وإن كانت جيناته التي ورثها بها خلل ما، أو قاسى ظروفا سيئة جدا، أو حتى لو نشأ في بيئة غير صحية، لدرجة أن هناك أبحاثا علمية أثبتت وجود تغير في "شكل" الخلية العصبية نفسها، وطبيعة الوصلات بين هذه الخلايا وبعضها، لدرجة أن الإشارات العصبية التي لم تكن تعمل تعود للعمل من جديد، وهناك تغيير في شكل المخ نفسه حين يحدث التغيير.

لماذا أذكر لك كل هذا الكلام؟ لأنك تحتاجين أن "تصدقي" أن رغبتك في التغيير الحقيقي ستساعدك على تخطي المناخ السلبي الذي يحيط بك، أو ما قد تكونين تحملينه من جينات، أو خبرات غير سارة قد مررت بها.


رحلة التغيير الحقيقية لن تكون زرا نضغط عليه، ولن تكون مجرد رغبة عابرة نرجوها، ولكن ستكون رحلة تحتاج لجهد ووقت، وصدق وقبول لنفسك، ولكل شيء في حياتك؛ فالبداية بقبول كل ما تجدينه في نفسك كخوفك وقلقك وغضبك وضعفك.. إلخ، وقبول أن هؤلاء هم أهلك حتى وإن كنت غير موافقة على تصرفاتهم.

القبول هو الخطوة الأولى والأهم، أما الخطوة التي تليها فهي خطوة التعرف إلى احتياجاتك النفسية (كالحب الغير مشروط، والقدرة على قول لا، والحرية، والتعبير عن المشاعر، والاهتمام، والاحترام، والإعجاب، والتشجيع، والإنصات لك.. الخ)؛ وخطوة تحديد الاحتياجات مهمة جدا حتى تتعلمي طلبها ممن حولك بصبر وإصرار مهذب، وثبات وذكاء.



اعلمي أن تغيرك سيساهم جدا في تغيرهم، وقبولك لهم سيشجعهم على قبول أنفسهم وقبولك، وإعطائهم احتياجاتهم أولا؛ سيمكنك من أخذ احتياجاتك منهم، وهكذا تتبدل الأمور.

وهناك خطوة مهمة جدا، وهي التعرف إلى خريطتك الداخلية التي تكتشفين فيها مواطن قوتك وشعورك بالراحة والأمان لتزيدي منها بشكل دائم مستمر في حياتك، حتى لو وجدتها في عمل فنجان قهوة يرضيكي، أو ترفيه معين، أو قيمة إنسانية تؤمنين بها وتمارسينها، أو مواقف تجدي فيها شجاعة منك.. إلخ.



أنا أعلم تمام العلم أن ما أقوله ليس سهلا ككتابته، لكنه ليس جبلا صعب الصعود إلى قمته أيضا، والتغيير كما قلت لك يحتاج لمثابرة، ونمو داخلي يتراكم بمرور الوقت، ويكون الفائز فيه في النهاية هو "أنت".
آخر تعديل بتاريخ
13 أكتوبر 2018