13 مارس 2023

غاضب من نفسي بسبب عدم تفوقي بمجال دراستي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تخرجت من قسم اللغة الفرنسية وأحب هذا المجال. تقدمت للعمل بمدارس خاصة ومسابقات بعدما تخليت عن إكمال دراستي العليا ولكن لعدم ثقتي بنفسي تراجعت وعملت خارج المجال. الآن أشعر بخيبة أمل وأني ناقم على نفسي حين أرى أحداً من زملائي أكمل الطريق ونجح. ليس الأمر أني لا أحبهم أو كاره لهم خيراً، لا والله بل أني ناقم على نفسي حيث لم يكن حلمي مجرد عمل، بل كنت أريد أن تصبح لي قيمة معنوية وفكرية. لم أستطع إلى الآن التخلي عن هذا الإحساس بل أشعر أني بلا قيمة في هذا المجتمع.

عزيزي؛

أشعر بمعاناتك، وأصعب ما فيها هو غضبك من نفسك، فتخيل معي حين يكون هناك شجار لسنوات ولكن بالداخل من نفسك تجاه نفسك! وأصدقك القول إن هذا الشجار وإن كان ظاهره يقول إنه بسبب تخليك عن حلمك وبين رغبتك في إضافة قيمة للمجتمع؛ إلا أنه في حقيقته شجار قديم -قد لا تراه بسهولة وربما لا تصدقه- بين الرغبة في أن يراك من حولك ويفتخرون بك، وبين ما تتصوره أنت بالجانب الذي لا يتمكن من تحقيق تلك الصورة.

وأحتاج منك هنا وقفة صادقة هادئة؛ لتتمكن من تعريف القيمة التي يقدمها الشخص.. ما هي؟ وهل هي في شكل أو مجال محدد، أو هل هي مرتبطة فعلاً فقط في ما كنت أحبه كإنسان كالفرنسي لديك؟ فالقصة ليست في أن أقول لك إن كل إنسان قيمته في ما يقدمه من خلال ما يعمله وهذا النوع الساذج من الحديث، ولكن القصة في ربط فقد حلم اللغة والإكمال فيها بأن لك قيمة! وما تحتاج له بالفعل هو مراجعة ما قلته حول قيمتك أنت التي تربطها زيفاً بأي شيء يمكن للشخص تعلمه أو تقديمه للغير، فقيمتك هي أنت بما تحمله من خصال ومشاعر واختيارات وقيم وتزداد بما قد نتعلمه ونقدمه للآخرين في أي شكل في أي مجال.

وبالطبع كلما كنا شغوفين بشيء محدد كانت سعادتنا أعلى، ولكن قيمتنا ليست مرهونة بما تقدمه ولما تتعلمه، وهذا الأمر أقر لك بصعوبة تصديقه وهضمه، خاصةً في بلادنا العربية وما تحمله من تشوهات ورثتها لنا وظلت تؤكد فيها حتى ترسخ بداخلنا من جيل لجيل ، ولكن الحقيقة … لا نصدقها من تكرار الرسائل الخطأ الذي نتعرض له منذ الطفولة، ولكن نصدقها حين "نتخلى عن تلك الموروثات" ونشتبك مع الحياة بشجاعة ونقبل تحدياتها مع مباهجها، دمت طيباً قادراً على إضافة جديد لك ولمن حولك.

آخر تعديل بتاريخ
13 مارس 2023