18 فبراير 2018

علاقات خطرة وسرقة قهرية وضعف إيمان

بالله أنقذنى.. عندى عشرين سنه.. بعمل علاقات مع شباب كتير مش بتتخطى الكلام والمقابلات والتليفونات والنت بس ببقى مع كل واحد بشخصية وكل واحد بحكاية، وأنا أساساً مبحبش حد فيهم.. كلهم بعلقهم بيا وبمشي، مفيش مرة اتكشفت أو حد عرف أني كنت بألف كل حاجة، حالياً بكلم خمسة والخمسة بيحبوني، وكلهم يعرفون عني قصصاً وهمية، بسرق.. بسرق فلوس من أي حد كل ما كانت الفرصة ممكنه، بعمل العادة السرية كل يوم.. مبصليش ومبقاش ليّ علاقة بربنا، وفوق كل ده كل الناس شيفانى مثلاً أعلى وبنت مفيهاش غلطة عشان محدش يعرف كل ده، ومش شايفين مني إلا أني زي الفل وملتزمة.. أنا عايزة ابعد عن البيت واسيبه واهرب من كل ده وعايزة ادخل مصحة..  قولي اعمل إيه.
عزيزتي الكريمة/ آلاء
سمعت استغاثتك ونشكرك على ثقتك بنا، وأرجو أن نكون عند حسن ظنك.
بدايةً، تعالي معي لتحديد نقاط رئيسة مرتبة يمكننا العمل عليها، وهي:
ضعف صورة الذات وانخفاض قيمة النفس، علاقات خطرة وسرقة، تدهور روحي ورغبة في العزلة والابتعاد.

* ضعف صورة الذات وانخفاض قيمة النفس
تتكون صورتنا في الطفولة المبكرة من خلال تفاعلنا مع مقدمي الرعاية/ الوالدين والمحيطين بنا، حيث نتبنى معنى عن الحياة وقيمة لأنفسنا، ونبني ما يسمى بالمخططات الذهنية، ومن ثم تلقي هذه الخبرة والمخططات بظلالها على حياتنا في ما بعد، أو قد نعلق فيما نسميه بالمواقف غير المنتهية.

والمواقف غير المنتهية هي مواقف عالقة في الذاكرة ولا نقبل بالنهاية التي وقعت فيها، فمثلاً الطفل الذي عنفه والده بشكل مهين، قد يجد أن هذا السيناريو يتكرر في مخيلته مراراً، وقد يلعب فيه دوراً أكثر توافقاً معه عما حدث فعلاً.

والخطورة الحقيقية عندما تنشط هذه المواقف غير المنتهية في الواقع، كالفتاة لوالد مستغل ومعتدٍ، وتجد أن كل علاقاتها العاطفية مع رجال لهم نفس النمط، وكأنها تريد إعادة سيناريو قديم تلعب فيه دوراً آخر، دور المدافع عن نفسه مثلاً، أو أن تقوم بإصلاح الطرف الآخر في العلاقة وتهذيبه، لكن ما يحدث هو تكرار ذات السيناريو بمأساته أو أشد، والحل يبدأ بالوعي بهذه البنية الذهنية والعاطفية، ومعالجتها.

* علاقات خطرة وسرقة
النقطة الثانية هي العلاقات الخطرة والسرقة، وهي سلوكيات تدخل تحت تعريف سلوكيات تدمير الذات، ولا يقل التدمير المعنوي والنفسي خطورة عن التدمير المادي، بل الحقيقة أنه تدمير أبعد أثراً وأشد فتكاً، وهي سلوكيات لابد أن تتوقف مع العمل على الاحتياجات النفسية المشروعة وغير المشبعة، وكذلك معالجة الإساءات غير المشفية، والتي تحرّك هذه السلوكيات كتعبير غير واعٍ عن احتياج أو وسيلة للهرب من ألم ومعاناة أشد ثقلاً.

* التدهور الروحي والرغبة في العزلة والابتعاد
نحن نرى اضطراب علاقة الفرد بالله كانعكاس لاضطراب العلاقة مع السلطة ومن قام بتمثيلها في الطفولة وبدايات المراهقة بشكل خاص، فإذا أضفنا ما ناقشناه في ما سبق، فنحن بحاجة لاختبار قيمة العلاقة بالله كقوة محبة وراعية من جديد، ولن تنصلح علاقتنا بالله قبل أن نصلح علاقتنا بأنفسنا، فالطريق إلى الله يمر خلالنا، فلابد من إصلاح هذا الطريق المهجور باستكشاف أنفسنا واكتساب معنى جديد لنا، وذلك يمر بعلاقتنا الصحية بالآخر.

أجل، أدرك أن الأمر شديد التشابك، فدوائر العلاقات الثلاث: الله والذات والآخرون متداخلة بشكل جوهري، ولذا أخرت العلاقة مع الله إلى نهاية النقاش، ومن خلال الدخول في علاقات "حقيقية" و"صحية" ندرك فيها معنى الحدود واحترام النفس تشفى جروح العلاقات السابقة، فبأيدي الناس يتم جرحنا ومع آخرين نشفى.

واقتراحي الأخير عليك بالتواصل مع زمالة مدمني الجنس المجهولين، ومراجعة طبيب نفسي/ معالج نفسي ثقة، وراجعي كذلك مقالتي "سبليت.. حين يقسمنا الألم".


اقرئي أيضاً:
خدعة الثقة بالنفس
المواقف غير المنتهية.. دراما داخلية وأحجار على الطريق
السرقة القهرية (ملف)
"الآلام الوجودية".. في قلبي عتبٌ على الله

آخر تعديل بتاريخ
18 فبراير 2018