13 يناير 2019

ضغط الدراسة وإيذاء النفس.. ما العلاقة؟

منذ السنة الثالثة الثانوية، بسبب ضغوطات الدراسة وترك الأصدقاء، مررت بنوبات قلق ومحاولة انتحار، الآن أدرس بالجامعة. زادت الحالة بسبب ضغط الدراسة. كلما فشلت أجرح يدي حتى تترك علامه. أشعر بالخوف من ترك علاقاتي. أشعر بأن لا أحد يحبني وسيتركني بأي لحظة. أفكر كثيراً في مستقبلي؛ تارة سأكمل تعليمي، وتارة أشعر بفشلي وبأني مشمئزة من نفسي. وبعض الأحيان أشعر بأنني أفضل شخص. وأحياناً أخطر شخص.. وتمر بي حالات عصبية أكتمها بداخلي تنتج تخدراَ بالوجه وآلاماً بالأعضاء. وقمت بالفحص وجميع الفحوصات سليمة. وأيضاً منذ سنة قطعت التواصل وأرغب في الانعزال عن الجميع وأحياناً أفكر في الهجرة وترك كل شيء.
أهلا وسهلا بك يا لطيفة،
هل لاحظت يا ابنتي أنه كأن هناك ضغوطاً دوماً؟ هل لاحظت كأنه هناك دوماً مشكلات تتأزم مع الأصدقاء؟ الواقع أنه حين نقع في أمور تتكرر كثيرا على مدار سنوات، وحين نغرق في مشاعر مستمرة مثل مشاعر الخوف من الترك والوحدة، وحين يستمر وقوعنا تحت مشاعر الضغط، أو نوبات الغضب التي لا يمكننا التحكم فيها، أو نكتمها بشكل مستمر ولا نستطيع التعبير عن الغضب؛ فهذا يشير لوجود معاناة داخلية عميقة.. ولكنك غير واعية بها وعيا كاملا، وهذا الأمر يحتاج لمراجعة.


والمراجعة تبدأ من تجديد رؤيتك لنفسك؛ فحكمك على نفسك بأنك سيئة له الأثر الكبير في علاقاتك، وفي مشاعر الغضب دون أن تدري؛ فأنت من خلال رؤيتك لنفسك بهذا السوء تشعرين بأنك لا تتمكنين من تحقيق توقعات من حولك منك سواء في العلاقات، أو التصرفات، وتتوقعين ترك الآخرين لك، وكلما حدث هذا الضغط؛ انتقلت للتصرفات، والتصرفات تظل محكومة بالغضب وقرب الهجر، والغضب لا يمكنك من السيطرة، وعدم السيطرة تنتج تصرفات غير متوقعة تبعد عن التوقعات التي ينتظرها الآخرون، وعدم القدرة على فعل ما هو متوقع منك يزيد من رؤيتك لنفسك بشكل غير جيد، وهكذا تظلين في دائرة مغلقة.


لذا كما قلت لك، تحتاجين أولا إلى أن تري ما يصدر عنك من تصرفات جيدة حتى لو قليلة؛ لأنها حقيقية، وتحتاجين إلى تعلم كيفية السيطرة بتدرج وتراكم في مشاعرك التي غالبها يكون غضباً دون فقد القدرة على التعبير عن مشاعرك في نفس الوقت، ودون خوف من الترك، وتحتاجين كذلك إلى أن تتحرري من مواقف قديمة تؤثر عليك، وهذا على الرغم من صعوبته إلا أنه ليس مستحيلا يا ابنتي.



وأكثر ما يمكن أن يساعدك هو نوع من العلاج النفسي الذي يعتمد بالأساس على "تعلم" مهارات في غاية الأهمية تساعدك جدا فيما قلته لك، وهو "العلاج الجدلي السلوكي"، إذ يعتمد بالأساس على التمكن من البقاء في الوقت الحاضر، وتنظيم المشاعر فلا تتحول لموجات عالية عاتية لا يمكنك تفاديها، والتقدم في العلاقات حيث تتوقف فيها الأزمات والوضع المزمن فيها، ويمكنك من التعامل الأفضل مع الأزمات فلا تتحول لكارثة، فلا تتهاوني في طلب تلك المساعدة يا ابنتي؛ لأن هذا النوع من العلاج يجعل الحياة حياة تستحق أن تعاش.
آخر تعديل بتاريخ
13 يناير 2019