17 فبراير 2017

رجل حقيقي.. لكن مكتئب ومنعزل

،السلام عليكم يا دكتور هدخل في الموضوع مباشرة أنا طالب عندي 20 سنة، في المرحلة الثانوية ماجبتش مجموع هندسة، ودخلت معهد سنتين، وبعده إن شاء الله هكمل هندسة؛ المهم أني أمرّ بظروف مادية صعبة شوية، لكني بدأت شغل أون لاين، لكن طبعا بياخد وقت لحد ما يجيب نتايج أنا حاسس نفسي أني قد تغيرت 360 درجة، دائما قاعد في غرفتي، لا أحب الخروج، أعتقد أن كل هذا بسبب المشاكل المادية التي أتعرض لها، والمشكلة أن مفيش حد فاهمني، ولا أنا فاهمهم، فأتجنب الكلام معاهم.. أقصد أهلي أنا من الخارج هادئ ولا أتكلم كثيرا، لكن من داخلي أفكاري بتتخانق مع بعضها، وهذا بشكل دائم أنا مش عارف السبب إيه!! يا ريت لو تقدر تقولي السبب
أهلا وسهلا بك يا ولدي، 
سطورك جعلتني أرى شابا لديه ذكاء ذاتي، ويتميز بوجود وحضور من نوع خاص؛ فأنت تتميز برجولة حقيقية غير مزيفة، وطاقة، ومثابرة يفتقر إليها الكثير ممن هم في عمرك، بل وأكبر.

فعدم دخولك الكلية التي ترجوها بمسار معروف، جعلك تعيد التخطيط لتصل لهدفك بمسار مختلف، وطاقتك تظهر كذلك في تحدي ظروفك المادية، ومحاولتك الدؤوبة في زيادة دخلك، وهذا يدل على شخص بالفعل يتمكن من وضع حلول مختلفة لمشكلاته.

وكما يمكنني رؤية هذا الجانب الرائع الحقيقي فيك، أستطيع أن أرى جانبا آخر يجعلك الآن مختلفا عن السابق بشهادتك أنت شخصيا على نفسك؛ فأنت متألم، وقلق، وقد توجد لديك درجة من الغضب، لكنك لا تعبر عن مشاعرك.

وحين نتألم في صمت دون إعلان بشكل مستمر، يتسلل ﻷنفسنا عدو ثقيل الظل مشهور جدا اسمه "الاكتئاب"، وهذا الزائر سارق، يتسلل في هدوء، فيغير المزاج، ويجعل الشخص غير مقبل كالسابق على الحياة أو الترفيه أو العلاقات، دون أن يدري.

وحين نفكر وحدنا تتصارع الأفكار، ﻷننا غالبا نفكر كل مرة نحتاج فيها للتفكير بنفس الطريقة التي تعودنا عليها؛ فتغلق علينا الدائرة، فيطير النوم أحيانا، ونغضب سريعا أحيانا، وندقق في التفاصيل أكثر، فيزداد التوتر، وهكذا.

لا أريدك أن تنزعج، فالاكتئاب كما يأتي يذهب، والقلق كما يأتي يذهب، ولكن يحدث ذلك حين نلتقطه في البداية، كما فعلت أنت، وحين نبدأ في عمل علاقة نستحقها مع أنفسنا، فنعبر عن ألمنا، ونعلنه، ونتعرف عليه، ونقبل وجوده دون الاستسلام له، أو كبته، فنتحرر منه، ونستجمع طاقتنا الحقيقية من جديد لتجاوز الألم، والتعامل معه بشكل صحي، سواء كان ألما نفسيا يعود بالأساس لسبب نفسي، أو ألما نفسيا يعود لسبب مادي.

وكذلك حين نستأنس بمن نشاركه ألمنا، وقلقنا، وغضبنا ونحن متطمئنون على أنفسنا معهم دون حكم علينا، أو استخدام لما قلناه، وهو ما نسميه بالعلاقات الصحية، فيها تكون كما تكون مع نفسك، فلا همَّ حكمٍ عليك، ولا خوف من نظرتهم لك، فيها أنت مسموع، فيها أنت مقبول كما أنت، فيها رؤية ونظرة جديدة لما بداخلك بسبب المشاركة، فيزداد رصيد تفكيرك بجديد يجعلك ترى وتشعر شعورا مختلفا، فتتخلص رويدا رويدا من الأفكار المشوشة أو المغلوطة أو السلبية التي تعكر صفو نفسك...

ما أقوله هذا إن لم تصدقه، وتجعله يملأ نفسك بالفعل، فقد، وأقول "قد"، يجعل إقامة زائرك الثقيل أكثر مما تظن.

وسيظل الحل كما اقترحت عليك، ولكنني أظن بك خيرا لما رأيته فيك من اختلاف، أراك تحترم وتحب نفسك، ولن تتركها تتجرع حرمان الوحدة، وعدم التعبير عما بها أو الأنس بعلاقات حقيقية.. دمت بخير.

اقرأ أيضا:
احذر أن يصيبك "عسر المزاج"
أنماط الاكتئاب.. حلول وبدائل
آخر تعديل بتاريخ
17 فبراير 2017