20 فبراير 2022

دائما الناس تتخلى عني دون أن أعرف السبب

مرحبا، أي علاقة في حياتي سواء صداقة أو حب تنتهى بعد فترة ودائما يكون الطرف الثاني هو من يتخلى عني بدون أن أعرف السبب، أظن أن العيب في وأن لا احد يحبني؟ كيف أتصرف حتى لا يتخلى عني الناس؟ 

 
 
عزيزتي؛
أحيانا نحتاج في رحلة حياتنا أن ننتبه للفروق الجوهرية في علاقات حياتنا ونتعلم أن لكل نوع علاقة قدرة على تحمل أمور بين الطرفين قد لا تتحملها نوعية علاقة أخرى بسبب وحيد وهو لأنها لا تتناسب مع نوعها وقدرة تحملها لا أكثر.
 
 
 


فعلاقتنا مع والدينا مثلاً علاقة ذات نطاق ضخم يتم تحمل الكثير فيها، وتتسم بقدرة عطاء كبيرة لا يمكن أن تتحملها علاقة أخرى وتتميز بكونها حقيقية وصادقة في حياتنا في نفس الوقت! فقد تتحمل الأم سوء سلوك يصدر من أبنائها لا تتمكن صديقة من تحملها، بل إن تحملتها الصديقة تتأثر العلاقة سلبا! وقد تستوعب علاقة الأب بأولاده صبرا، ومبادرة بدون طلب من الأبناء لمجرد إحساس وصل له من أحد أولاده، وبذل جهد لا يمكن حدوثه في علاقة زمالة ممتازة.

لذلك، أول شيء تحتاجين لتفهمه جيداً ألا تحملي علاقة بطاقة لا يتحملها نوع هذه العلاقة؛ لتظل العلاقة طيبة وتقوم بدورها الطبيعي بينك وبين الطرف الآخر، ولا تعارض في أن العلاقات المتنوعة في حياتنا تلتقي في نفس الأشياء التي نحتاج إليها  كالدعم، والمشاركة، والرعاية، والثقة إلخ، ولكنْ لكل علاقة قدر -طبيعي- يتناسب معها في الحجم والنوعية.
 
 
 


فالصديقة تعطينا دعما، وحبا، ومشاركة، ومساعدة ولكن في حدود قدرتها وفي أنواع من التحديات التي تقابلنا في الحياة، في حين أن الأم والأب مثلا يعطياننا نفس الأشياء ولكن بحجم أكبر قد يصل لدرجة التضحية بالحياة ذاتها من أجل أولادهم وفي كل مناحي المساحات التي نتعامل معها بأكبر قدر يمكنهم تقديمه.

لذلك، تحتاجين للأمر الثاني في العلاقات والذي قد يؤدي لمثل ما تجدينه في علاقاتك يا ابنتي وهو أن تجدي نفسك بدون وعي منك ولا إدراك "تطلبين"من علاقات الصداقة أو الزمالة أو حتى الحب درجة تلبية لما تحتاجينه من والديك لا يستطيعها حبيب أو صديق، وهنا تحدث المشكلة.
 
 
 


فالصديقة يحتمل أن تنسى أموراً تخصنا أحياناً، أو لا تبادر في عرض أمر علينا على أساس حادث مثلا عرفته أو كانت شاهدة عليه، ونجد أنفسنا نلتصق بأهلنا التصاقاً كبيرا في مراحل عمرنا الأولى وحين نكبر نبدأ في الاعتماد النفسي على ذواتنا في وجودهم كمرجع أو موجّه له خبرة، فلو كان  الالتصاق الشديد بالأصدقاء، أو الاعتماد النفسي على وجودهم طوال الوقت مثلا يحدث منا؛ سيرهق العلاقة وستصبح ثقيلة على الطرف الآخر فقد يقرر وقتها الابتعاد.
 
 
 


لذلك، البداية ستكون بأن تحصلي على احتياجاتك العميقة من والديك حتى الشبع، ثم تميزي أنواع العلاقات، ثم تتدربي على ظبط إيقاع علاقاتك في ضوء ذلك، واعلمي جيدا أن ما قلته ليس سهلاً، فإن وجدت صعوبة تعيقك عن تنفيذ ما تحدثنا فيه فلا تبخلي على نفسك بالتواصل مع متخصص يساعدك في تلك الرحلة حتى لا تظلي في هذه المعاناة الثقيلة والتي إن تركت بلا تغيير سيكون أثرها أثقل في المستقبل عليك يا ابنتي، ودمت بخير.
آخر تعديل بتاريخ
20 فبراير 2022