13 فبراير 2020

خيالي الواسع يطغى على واقعي

أنا ١٥ سنة. خيالي واسع، من كذا سنة دخلت عالم الكُتب والروايات وقرأت رواية، لم أُعجب بسير الأحداث، لكن أحببت الشخصيات فأخذتهم لخيالي وعدلت على كل واحد فيهم بما يناسب شخصيتي وفِكري وعملتلهم حيوات كاملة، زَوجتُهم وأنجبوا وبدأت أعمل حياة لأولادِهم. بحب التمثيل، فيعجبني مشهد أو موقف فأمثله بشخصياتي أنا وردود فعلي أنا. محدش يعرف أي حاجة عن الحتة دي. مشكلتها أنها بتخليني أهمل حياتي فعلا بديها جزءا وعلى حسب الفكرة بتاخد من وقتي. كما أنها بتُثقل قلبي وبتستنزفني فلا يبقى أي شيء للواقع، على قد ما أنا بستمتع بس أنا مستوعبة قد إيه ده مأثر عليه، وأني ممكن أعمل أحسن من كدة بكتير، وحقيقي عايزة أوقف. أنا كدة مريضة؟ هل محتاجة مساعدة عشان أوقف ولا ممكن أتغلب عليه لوحدي؟ إيه نصيحة حضرتك لي؟
أهلا وسهلا بك يا مروة،
ما تتحدثين عنه يا ابنتي هو ما يطلق عليه أحلام اليقظة، وأحلام اليقظة ببساطة هي تنفيس نفسي صحي للأشخاص الذين لا يتمكنون من السير قدماً فيما يرغبون في القيام به على أرض الواقع، ولكن حين تتطور تلك الأحلام؛ فتسرق الواقع بما يحتاجه منك من أدوار في عائلتك، أو دراستك، أو هواياتك.. إلخ؛ فهنا يكون التنبه لحجمها مهما.

عدم ترشيد أحلام الواقع يوقع أصحابها إما في الخلط بين الواقع والخيال، أو يعطل البعض الآخر عن إكمال مسيرة حياتهم، وقد يتطور الأمر ليصل إلى القلق والأمراض العصابية، لذا أخترت أن أقول لك إنك تحتاجين لترشيدها لأن التخلص منها تماماً غير صحي؛ لأنها كانت ولا تزال البراح الذي تحققت من خلاله أحلام لخدمة البشرية؛ حين حول العلماء والمخترعين أحلام يقظتهم إلى اكتشافات أفادت العالم.



ما أنصحك به يا ابنتي الآن هو "الترشيد عن عمد"، وسيساعدك في ذلك مثلاً: 
أن تجدي مكانا محددا لك للقيام بأحلام يقظتك، ويمكنك ضبط المنبه لتحديد الوقت الخاص بالأحلام من دون تجاوزه، ويمكنك استبدال الأحلام الحرة المتطايرة بكتابتها، أو رسمها إن أحببت، فلعلك تكتشفين مواطن إبداع في شخصك لم تتعرفي عليها بعد، ويمكنك الاستفادة منها في واقعك بأن تتخيلي مواقف في واقعك، وكيف ستديرينها كما تهوين، لتبدئي في تنفيذها في الواقع على مهل، ويمكنك كذلك استخدام مهارة التأمل في تلك الأحلام .. مثلا كيف هي الشخصيات واختلافاتها في تصرفاتها، وأفكارها، واختياراتها، ونتائج اختياراتها.. إلخ.

أما سؤالك هل أنت مريضة، فلا، أنت لست كذلك يا ابنتي، ولكنك تحتاجين إلى ترشيد تلك الأحلام كما اقترحت عليك، حتى لا تفقدي واقعك بمرور الوقت، وهذا هو ما أخاف منه عليك فانتبهي.
آخر تعديل بتاريخ
13 فبراير 2020