18 ديسمبر 2018

توفى الزوج فجأة.. كيف تستمر الزوجة؟

زوجي توفي فجأة عن عمر 35 سنة منذ سنة ونصف، وعندي طفلان غمرهما سنتان وثلاث سنوات، وأعاني إلي الآن من ألم الفراق، وعندي حاله من الخوف لا أستطيع أن أتخلص منها طول الوقت.. إحساسي بأني سوف أموت وأترك أولادي.. خوفي من فكره الموت يجعلني أرتعش، ولا أستطيع التنفس، والخوف يتملكني.. ممكن أكون غير مستوعبة فكرة وفاة زوجي إلى الآن.
أهلا وسهلا بك يا أمل،
البقاء لله وحده يا ابنتي، ولك الحق في أن تتأثري بفقده بالطبع؛ فهذا أمر محزن صادم، ونحن علميا حين نتعرض لحدث صادم غير متوقع؛ نستجيب بأحد طرق الاستجابة التالية..
- إما التجمد.. كالصمت، الذهول، إلخ.
- الحركة الشديدة كالصراخ، والجري، والمواجهة بأشكالها المختلفة مع الحدث.
- الهروب من مساحة الحدث، وهو أمر طبيعي جدا.


وتخف وطأة هذا الحدث بمرور الوقت حتى ينتهي داخل الشخص بشكل صحي تلقائيا لأكثر من نصف البشر الذين تعرضوا لصدمة، ولكن هناك بعض الأشخاص الذين يظلون لفترة أطول عن غيرهم متأثرين بتبعات الحدث الصادم من قلق، وخوف، وحذر وحزن، وغضب، وانسحاب، وغيره، ويحتاج هؤلاء الأشخاص أن يتواصلوا مع تلك المشاعر التي تراكمت بطرق نفسية متخصصة تجعلهم يتحررون من تلك المشاعر، والتي قد نكتشف أن لها بعدا في الأفكار، أو التكوين النفسي بجانب المشاعر فيتم علاجها بإذن الله، لذا أتمنى أن تتواصلي مع متخصص يساعدك في تلك الرحلة؛ لتتمكني من مواصلة حياتك بشكل أفضل، وحتى لا يتأثر أبناؤك بمخاوفك تلك كذلك دون أن تعي، وحتى يحدث ذلك أقترح عليك الآتي:
- حاولي التعبير عن كل ما تشعرين به من حزن، أو ألم، أو قلق، أو غضب، أو ذنب، إلخ .. دون أن تحكمي على نفسك بأي شيء.. بالطرق التي تريحك بالحديث مع صديقة تطمئنين على نفسك معها، أو بالكتابة، أو بالرسم، أو بالشعر.. إلخ.
- اسمحي لنفسك أن تحترمي مشاعرك المختلفة من الفقد، الاحتياج للحب، للونس، للجنس واستمعي لتلك المساحات بداخلك دون هروب أو حكم أو تخل؛ فكل ذلك يزيدها ولا يحلها؛ فالاقتراب من مشاعرنا وسماعها، وتقديرها أمر في غاية الأهمية حتى وإن لم تحل الآن.
- اسمحي لنفسك باستقبال الحب، والونس، والاهتمام من العلاقات الصحية حولك.. أولادك، أسرتك، صديقاتك، جيرانك، واسمحي لنفسك بالفرح بها، والاستمتاع بوجودها.. اسمحي لنفسك أن تفرحي.


- عدم قبولك لموت زوجك يعني في حقيقته عدم قبولك لموتك أنت؛ فلا أحد يقبل موته في قرارة نفسه، ويصعب عليه قبول موت أي آخر مهما كان؛ فلتقبلي موتك لتتمكني من الحياة بدلا من الموت قبل الموت الحقيقي، ولو كان في ثوب الحياة؛ فقبول الموت حياة، واستدعاء وانتظار الموت موت.
- الموت الداخلي يصل لمن حولنا مهما كذبنا بغير ذلك؛ فنبعث لمن حولنا الموت النفسي حتى ولو تشدقنا بغير ذلك؛ فزوجك يرحمه الله ذهب لربنا دون اختيار منه، كما سيحدث معنا جميعا، لكن أنت ماذا تختارين الآن وأنت ما زلت هنا؟




- وأخيرا.. تعرفي على حقيقة مخاوفك وناقشيها من خلال الواقع الداخلي والواقع الخارجي؛ مثلا الخوف من عدم القدرة على رعايتهم، وناقشي هذه المخاوف مع إعطائك لنفسك الحق التام في الخوف، وانظري لنفسك كيف هي حقيقة المسؤولية في حياتك، وهل رعايتهم تتطلب الاعتماد عليك تماما طوال العمر؟ وكيف ستساعدين نفسك في رعايتهم قدر إمكانك؟ وهل أنت وحيدة أم لك أسرة وأصدقاء، وكذلك أولادك إن شاء الله.. إلخ؛ لتتمكني من رؤية بعض الخطوط التي ستساعدك على تحقيقها دون قلق مبالغ يعطلك.

هيا يا ابنتي ابدئي الاقتران بحياتك من جديد.. واستعيني بالله قدر طاقتك.
آخر تعديل بتاريخ
18 ديسمبر 2018