17 يناير 2019

تحرش جنسي وإهانات وألم في الصغر

تعرضت لتحرش جنسي وأنا عمري 3 سنوات.. أتذكر التفاصيل كاملة. وفي مرحلة الابتدائية تعرضت لتعنيف متمثل بضرب وكوي بالنار وتعنيف نفسي متمثل بكتابة عبارات فيها إنقاص من قدراتي العقلية مثل كتابة عبارة "أنا غبية" وتعليقها حول رقبتي، والمشي حول ساحه المدرسة ليراني باقي الطلبة. أنا الآن في عمر  35، ولي محاولات انتحار على 9 سنوات.. كل ما حدث لي حرصت على ألا تعرف بشأنه عائلتي. أنا الآن تجاوزت فكره الانتحار، وبدأت في مرحلة التنفيذ. ما يقف في وجهي هو أنني لا أريد أن أسبّب أذى وفضيحه لأمي وأبي. طلبت مساعدة، لكن لم أتمكن من الحصول عليها. أكره نفسي. أخجل من نفسي. انطوائية.. الانتحار في عقلي 24/24. كيف أحب نفسي وأنسى. تحرش وضرب كيف أكون قوية؟


أهلا وسهلا بك يا ابنتي،
لك كل الحق في أن تغضبي لما مررت به من إهانة وعنف وتحرش؛ فلا أحد يمر بمثل تلك المواقف الصعبة ولا يشعر بالغضب، أو الألم النفسي الكبير، ولكن يوقفك عن تنفيذ الانتحار هو خوفك على والديك من الفضيحة، وهذا يدل على وجود صفات جميلة بداخلك رغم كل هذا الألم؛ فأنت تهتمين لمشاعر الفضيحة التي ستلحق بهما حينها، إذن يا ابنتي الانتحار لن يحقق لك ما تريدينه؛ فلا هو سيمحو ما فات، ولن يحمي والديك من الفضيحة وسط الناس، فأول ما تحتاجين إلى رؤيته أن الانتحار لن يحقق أهدافك.


وقد يكون الأكثر إفادة لك أن تبدأي في تحديد الأهداف التي يمكن فعلا تحقيقها مثل:
- هدف تجاوز مشاعر الإهانة والجرح الذي حدث لك.
- القدرة على التعامل مع الغضب الذي يصعب عليك التحكم فيه حين يحضر.
- احتياجك للحصول على القبول والحب دون أن تشعري بخذلانك لأحد في توقعاته منك.

وهذه الأهداف لكي تتحقق تحتاج لتعلم عدة مهارات تساعدك في ذلك، وهم أربع مهارات:
1. أول مهارة هي التدرب على البقاء في الوقت الحاضر "هنا والآن".. فلا تجدي نفسك كل فترة تغرقين فيما حدث سابقا؛ فتجترين ما حدث، وتنسين الحاضر الذي قد يكون أفضل فعلا من السابق، أو فيه أشخاص أفضل من أشخاص السابق.


2. مهارة تنظيم مشاعرك؛ فلا تبتلعك في شكل أمواج عالية لا تتمكنين من السيطرة عليها، أو تهربين تماماً منها فلا تشعرين بشيء؛ فتلجئين لإيذاء نفسك فقط لتشعري، أو لتطلبي أن يشعر بك من حولك بطرق تؤذيك.

3. مهارة ثالثة مهمة تخص العلاقات؛ لتتمكني من الوصول فيها لمساحة مريحة وتتخلصي من العلاقات التي قد تدمرك، أو تقلقك.

4. مهارة أخيرة ترتبط بالتعامل اللحظي وقت حدوث أزمة أو مشكلة ما.. حتى لا يتحول لكارثة.



ما اقترحته عليك هو نوع متخصص من المساعدة النفسية بشكل تعليمي معروف باسم العلاج الجدلي السلوكي، فهو يقدم مساعدة كبيرة من خلال تلك المهارات بطرق واضحة للوصول لأهداف الأشخاص الذين تعرضوا لمثل ما تعرضت له تحديدا؛ فاستجمعي شجاعتك واطلبي تلك المساعدة، أو حاولي الالتحاق بها حتى وإن لم تتمكني من طلبها من والديك، وهناك أماكن في مصر تقدمها الآن وبشكل رمزي لمن لا يعمل أو لا يقدر على تحمل تبعات العلاج.. هيا يا ابنتي.. فيمكنك الآن أن تجعلي حياتك حياة تستحق العيش.. دمت بخير.
آخر تعديل بتاريخ
17 يناير 2019