11 أبريل 2020

تحرري من سجن الأصوات الداخلية

١٩ سنة ونص، حاسة إن ما عنديش أي نقاط قوة، ما فيش أي مجال شايفة نفسي ممتازة فيه، أنا خجولة ويمكن الموضوع دا بيزود خجلي، بالرغم أن في ناس كتير بتبدي انبهارها بيا وبتفكيري، بس أنا بقول في نفسي هم غلطانين، حتى لما أفكر فى مواضيع الخطوبة والجواز بخاف إني ما اقدرش أنجح فى ده أو إن شريكي مش هيتقبلني😣
أهلا وسهلا بك يا ندى،
هل تعلمين أن من يرسلون لنا في مثل سنك قليلون، فمن يفكر، ويعي ما يدور في داخله، وما يعانيه، ويصل لعدة أسباب لما يعانيه لا يعتبر شخصا عاديا لا يحظى بمميزات، حتى إن كانت استنتاجاته غير صحيحة تماماً، فهو ما زال يملك "ميزة" تجعله قادراً على رؤية نفسه من الداخل ومن الخارج. 



الأمر الثاني الأكثر أهمية هو أننا كلنا نحن البشر "نصدق" عن أنفسنا ما قد وصل لها من المحضن الأول، وهو بيتنا الذي نشأنا فيه حين كنا لا ندرك أن الوالدين بشر يخطئون، وتغيب عنهم طرق التربية السليمة، والتعامل النفسي الصحي، حتى مع حبهم، وخوفهم علينا، فحقيقة ما تعانين منه هو ما صدقته عن نفسك منذ كنت طفلة صغيرة وصل إليها أنها "ليست كفاية"، وأنها لا تملك قدرات أو مميزات واضحة، ولا تثق في ذاتها ولا تسمح لنفسها بالتعبير عما تشعر به، أو يجول في خاطرها، فلقد وجدنا أن الأسر التي تحمل الكثير من الصمت، أو الحساسية الزائدة، أو التي يكون لسان حالها "النقد"، أو المقارنات المعلنة أو غير المعلنة، أو التي تميز بين الأبناء في أي مساحة من المساحات - دراسة/ قدرة على التصرف/ الدم الأخف/ الأحلى شكلاً/ الذكاء/ الخ - أو أن يكون الطفل حساساً منذ ولادته، ويحتاج لتعامل أكثر ذكاء ومسؤولية من الوالدين؛ يخرج فيها الطفل لا يصدق أنه يستحق الحب، أو أنه يملك ما يميزه فقط؛ لأنه صدق عن نفسه ما وصل إليه وليس ما هو عليه فعلاً، فيظل أسيراً لصوت الأمس.. هذا الذي صدقه عن نفسه وتغلغل بعمق بداخله ليس لصحته، ولكن لكثرة تكراره على مدار حياته في مواقف كثيرة متنوعة سواء كبيرة أو صغيرة تفصيلية لا يلقي لها بالاً.



لذا تجلدين نفسك حتى إن رأى شخص فيك أمراً يعجبك؛ يأتي صوت الأمس بقوته وأثره ليقول لا هو مخطئ ولا يعلم شيئاً، فواجبك الفوري الآن هو أن تنتبهي لصوت الأمس الذي تسجنين نفسك فيه الآن، فقد تم سجنك فيه وأنت صغيرة لا تدركين شيئاً، ولا قدرة لك على أي فعل، ولكن ما هو مبررك في أن تظلي فيه الآن؟ فلتكرري على نفسك أنك تحتاجين لأن تصدقي أنك فتاة لديك ما يميزك، ويشير الناس إليه حين يتعاملون معك، وأنك ستبدئين رحلة التعرف على نفسك كما هي، وليس كما تصورتها من خلال عيون من حولك أو من خلال حساسيتك التي قد تقف بينك وبين حقيقتك المظلومة، وأنت تملكين الكثير من الأدوات التي يمكنها أن تساعدك، فوعيك لنفسك من الداخل أمر مهم جداً، وتبحثين عن حلول من متخصصين، وترغبين في التغيير، وتلك الأدوات هي ما تجعل الإنسان يتغير إن أراد ذلك بصدق.



وأخيرا أقول لك: إن بلادنا العربية تفتقر للوعي النفسي والتربوي بشكل مخيف، فأهلنا لم يصل إليهم ما نطلب منهم أن يقدموه، ولم يتمكنوا مما نتمكن نحن منه الآن من المعرفة والثراء  ليدركوا حقيقة ما عليهم من مسؤوليات نفسية وتربوية قبل الطعام والشراب، والتفوق الدراسي، فقد لا نتمكن من الدفاع عن تصرفاتهم، لكن بالطبع نتمكن من الدفاع عن حبهم لنا.

هيا يا صغيرتي ابدئي رحلة حياتك الحقيقية من الآن، ونحن هنا ننتظر المزيد من تساؤلاتك، أو ما تحتاجين للمساعدة فيه إن صعب عليك أمر.. دمت بخير.
آخر تعديل بتاريخ
11 أبريل 2020