27 ديسمبر 2017

الحب غير المشروط والتوافق الزواجي.. هل هناك تعارض؟

من خلال بعض المقالات والفيديوهات اللي شوفتها من متخصصين في الطب النفسي وعلم النفس هناك دعوة لفكرة الحب غير المشروط لشريك الحياة، وفي نفس الوقت بيدعوا اللي فكرة معرفة المعتقدات والافكار والقيم الشخصية حتي يتم مقارنتها مع الطرف الآخر لمعرفة نسبة التوافق قبل الارتباط... هل الفكرتين عكس بعض؟ السؤال الي الدكتورة أميرة بدران
أهلا بك يا أحمد،
الحب غير المشروط لمن سيشاركنا حياتنا يعني أننا نحبه هو؛ لأنه يستحق الحب، وليس لأنه سيقدم لنا شيئا نحبه من أجله، فقد "تتصور" فتاة أنها تحب شخصا؛ لأنه سيحقق لها مثلا فخرا بطموحه وشهرته، والحقيقة أنها تحبه حين يظل يقدم هذا، ولو فُقد هذا العطاء فقد الشخص نفسه وجوده بداخلها، وصار عبئا عليها، ولم تتمكن من عمل علاقة حقيقية معه، إلا إذا قدم ما تريده.

لذا هناك فارق ضخم يقع فيه الكثيرون رغم دقته بين أن نحب إنسان؛ لأننا نحبه هو كما هو رغم رؤيتنا الناضجة لبعض ما يختلف فيه عنا ونقبل هذا الاختلاف بصدق، وبين أن نحب أمورا أو صفات موجودة ونحبها في هذا الإنسان؛ فقد نحب خفة الظل، والشكل الوسيم، والقدرة على التعامل مع المشكلات، وعندما نجد هذه الصفات في شخص نتصور أننا نحبه رغم عدم توافقنا معه في باقي كيانه.

أما معرفة أنفسنا، وفهمها جيدا، وفهم احتياجاتنا ومشاعرنا، فهو الواجب الأول والفوري قبل القيام بخطوة اختيار شريك للحياة؛ لأننا في وقت الإختيار نختار بحرية ومسئولية، وبالتالي في مرحلة الاختيار هذه من غير المقبول أن نقرر الارتباط بشخص نرى بيننا وبينه اختلافاً جوهرياً يفسد العلاقة الحقيقية بيننا، فإذا كان الاختلاف يفسد علينا الاستقرار؛ وكان كبيرا ومزعجا لأحد الطرفين فلن يصمد أمامه الحب كثيراً، وإذا تأكدنا من غياب الاختلافات الجوهرية التي تفسد العلاقة فإن هذا يكون مقدمة للتوافق، والذي لا يعني التشابه أو التماثل أو التساوي، ولكن يعني ان الاختلاف ليس مزعجا، أو ضخما لدرجة تعيق مشاعر الحب، فالتوافق مهم للحفاظ على الحب.

فإذا غاب الاختلاف المزعج وحضر التوافق أمكننا أن نحافظ على الحب، والحب غير المشروط درجة أنضج وأعمق تحتاج لقبول حقيقي، وراحة مساحتها أرحب بكثير من مساحة الاختلاف؛ فنحن نتزوج من نحب؛ لأن في وجوده نشعر بالثقة والاطمئنان على أنفسنا، ونثق في قبوله لنا في كل أحوالنا دون حرج نفسي منه، أو خوف من حكمه علينا بشيء نكرهه، بل ونحب أنفسنا بكل أحوالها في وجوده.

والحب حين يحضر بصدق؛ سيكون لأننا نحبه فعلا كما هو، وليس لما يقدمه، لأن حقيقة ما يقدمه ونحبه حبا غير مشروطا من أجله هو ذلك الأمان والائتناس، والثقة في حبه، وقبوله لنا في أحوالنا المختلفة بصدق دون "تمثيل"، وهو ما سنعطيه له بالتبادل، وهو أغلى ما يمكن الحصول عليه إن حدث بصدق. 
آخر تعديل بتاريخ
27 ديسمبر 2017