07 أكتوبر 2020

الاتصال بمصادر الدعم لصحتك النفسية

السؤال للدكتور شهاب الدين الهواري، أنا عندي ١٩ سنة، واكتأبت بشدة في الثانوية العامة، وبعدين اتحسنت، تعبت شوية نفسيا لما دخلت جامعة مش عايزاها، وبدأت اتقبل الموضوع، بس كنت دائما بحس أني محتاجة طبيب نفساني يساعدني وكده لفقدان الشغف، وصعوبة التركيز، والأرق والتفكير الكتير، مع العلم إني أساسا شخص بارد جداً، ومش يتأثر بحاجه بسهولة، ولكن حسيت إني محتاجة ده، بس دايما كنت بتجاهل الموضوع مع اختبارات الاكتئاب مثل بيك للاكتئاب وغيره، عرفت إن حالتي متوسطة، ولأن الظروف والماديات متسمحش أروح، فكنت عايزة اسأل حضرتك أعمل إيه علشان أخرج نفسي من الموضوع ده، أعمل إيه علشان ألحقني، وهل ممكن أن أتعافي نهائياً ولا كده اكتئاب مزمن بقي ولا إيه؟.. مع العلم أنا فاقدة الشغف بقالي ٣ سنين، ده غير أن علاقتي مع والدتي حالياً ليست في أفضل حال.
عزيزتي زهراء/
وصلت إلي استشارتك في صحتك، ونمتن لك على ثقتك بنا راجين أن نكون عند حسن ظنك.
يذكرني ما تشعرين به من فقدان الشغف، وضعف التركيز، واضطراب النوم/ الأرق، بانقطاع الاتصال النفسي مع المصادر، فهذه المدة أبعد من المدة المتوقعة للاكتئاب العيادي.

هناك أركان يقوم عليها الاستقرار والسواء النفسي، وانفصالنا عن هذه العوامل يفقدنا الاتزان في عالم سريع الوتيرة في حد ذاته، وهذه الأركان هي:
1. الاتصال الأصيل بالنفس: من خلال القيام برعاية الذات، والتعاطف الذاتي، وكذلك الانتباه لحديث النفس الداخلي عن أنفسنا وتصحيحه، والقيام بما يلزم تجاه الخبرات السلبية التي قد نكون مررنا بها.

2. الاتصال الصحي بالآخرين: وأقصد هنا العلاقات الصحية المشبعة، إذ إننا كائنات عشائرية لا يمكننا العيش منعزلين، بل نحتاج للتواصل مع آخر مهتم ومستجيب، ومن خلال وعينا بصحة العلاقات يمكننا إنشاء ورعاية علاقات صحية مشبعة.

3. الاتصال العميق بالطبيعة: التناغم مع الكون واحتضان الطبيعة ركيزتان من ركائز استقرار النفس، لأننا ننتمي إلى هناك، إلى الكون الفسيح، ومن خلال ممارسة التفكر واليقظة والتأمل نشعر أننا في تناغم مع الكون المحيط بنا.

4.الاتصال الفعَّال بمنظومة القيم: تستقر النفس من خلال الاتساق بقيمها الكلية، أن تكون تفاعلاتنا في خدمة قيم أكبر منا، وليست دائرة في نطاق أنفسنا وحسب. منظومة القيم تلك هي ما تُعرِّفنا لدى أنفسنا والآخرين، هي هويتنا في هذا العالم.

5. الاتصال الواعي بالله: وقد أرجأته للنهاية، حتى لا نتخذ هذا العامل الجوهري مهربا لتجنب القيام بالبقية، ومن شأن الاتصال الواعي بالله أن يجلب لنا السكينة التي نتوق إليها في عمق أرواحنا، اتصال يقوم على الفضول الإيجابي والحب والمعرفة وليس على الخزي والرفض والعقابية.

وتذكري أن الشغف موقف، يعتمد على قرارتنا وسلوكياتنا، وليس مجرد شعور ننتظر أن يتنسم علينا بين حين وآخر.

من خلال الاعتماد على هذه الأركان، أرجو أن تجدي نفسك، واستقرارها، ورجائي لك بالسكينة والسلام.
آخر تعديل بتاريخ
07 أكتوبر 2020