04 أغسطس 2018

استراتيجية الإصرار المهذب في مواجهة تعنت الأهل

أنا فتاة أبلغ من العمر عشرين عاماً، أهلي يرفضون أن أتزوج حبيبي الذي قصد أبي عدة مرات، والسبب هو كلام الناس الذي حقا لا يطابق خصال وصفات حبيبي مع أنني أعرفه مند ست سنوات، وأنا أحبه كثيرا و خائفة أيضا من قرار والدي وشكرا
أهلا وسهلا بك يا بنتي،
لا يوجد زواج بالقهر، وكذلك لا يوجد فراق بالقهر؛ إلا إذا اختار من تعرض لأحدهما أن يسمح لمن يفعل ذلك معه أن يحدث، وهذه أول حقيقة تحتاجين أن تصدقيها؛ فنحن نسمع كثيرا من يقول لم يكن أمامي اختيار إلا أن أفعل كذا، ولا يرى أن ذلك اختيار؛ فالمرأة التي ظلت مع زوج يؤذيها مثلا حتى لا تؤذي الأولاد، أو حتى لا تعود لبيت والدها؛ هي في الحقيقة اختارت أن تبقى دون أن تعي أن ذلك اختيارها تحت ادعاء صحة الأبناء النفسية مثلا والتي ستتأذى أكثر بكثير حين يكبرون بين زوجين في عراك مستمر، وحينما نختار ألا نختار فهذا في حد ذاته اختيار.


وفي مثل حالتك أريد منك أن تري حقيقة أخرى، وهي أنك تحتاجين بصدق أن تناقشي حقيقة أسباب رفضهم بعيداً عن مشاعرك تجاه حبيبك ولو ليوم واحد؛ لتتمكني من رؤية حقيقة مخاوفهم ومدى صدقها أو عدم صدقها.

لو تبين لك بوضوح أن ما يتحدثون عنه غير موجود تماما؛ فلتفكري في إيجاد شخص يقدرونه ويحترمونه؛ ليقف بجانبك أمام تعنتهم.

فإن لم تفلح جهود الوساطة هذه أو لم تجدي هذا الشخص؛ فانتقلي للحقيقة التي تليها، وهي أنك تحتاجين أن تكوني مسؤولة فعلا عن اختيارك للزواج منه بنضوج، وأنك لن تطلبي من أحد أن يتحمل عنك نتائج اختيارك له.


حين تتأكدين من ذلك بصدق، أقترح عليك أن تستخدمي معهم استراتيجية "الإصرار المهذب"، نعم هو إصرار، ولكنه مهذب؛ فيه توصلين رسالة مهذبة جدا بأنك مسؤولة عن اختيارك تماما، وأنك لن تتزوجي بدون موافقتهم، ولن تتزوجي غيره، وهنا سيقومون باختبار هذا الإصرار المهذب؛ بكثير من الضغوط كالويل والثبور وعظائم الأمور التي ستنتظرك جراء عدم رضاهم عن تلك الزيجة، أو ضغط الحرمان من العطاء الذي كان سيمنح لك في حالة موافقتهم، وقد يكون هناك ضغط كبير، أو ضغط الموافقة على البقاء بلا زواج ما دمت لن تتزوجي غيره.

والفائز في هذه المعركة هو صاحب النفس الطويل لا محالة؛ فحين تراك أمك، ويراك أبوك مهذبة لم تتغيري في معاملتهم، ولا عطائك معهم، وتمر الشهور، أو قليل من السنوات مع الضغوط دون زواج، وحين يجدونك على نفس الإصرار؛ سيقبلون، وهذه المدة التي قد تطول نسبيا؛ ستكون في الحقيقة اختبارا صادقا لجدية رغبتكما في الزواج في نفس الوقت، وممارسة حقيقية للمسؤولية والاختيار.


أعلم صعوبة ما اقترحت عليك، ولكنك ما زلت صغيرة، والزواج من شخص لا تحبينه وبعد قصة حب طويلة ألمها أعمق، وأسوأ بكثير.. فالزواج ليس هدفا في حد ذاته، ولكنه وسيلة لتحقيق أهدافنا بشريك يتمكن من تحقيقها بخصاله.. دمت بخير.
آخر تعديل بتاريخ
04 أغسطس 2018