16 نوفمبر 2018

أعاني من الخوف الدائم وأفضل العزلة

أنا فتاة تعاني من الخوف الدائم؛ من الأشخاص ومن المستقبل، وكذلك من هذا العالم. دائماً في دائرة التوتر والخوف والشك من فكرة الناس عني أو ماذا يتوقعون مني. حياتي بدأت تتغير إلى الأسوأ.. عند المواقف الطبيعية يزداد خوفي غير الطبيعي. أشعر بثقل في لساني، ولا أستطيع التحدث بشكل طبيعي. أصبح كثيرة التأتأة وتركيزي قليل. وأشعر بأن في قلبي هماً مبالغاً فيه.. وأدقق بأقل التفاصيل في يومي بشكل غير طبيعي. حاولت مراراً أن أتغيّر، ولكن يزداد الأمر سوءاً. أريد العيش بسلام. ثقتي بنفسي تقل، أنا اجتماعيه نعم ولكن ابتعدت عن الذين حولي. أريد عالماً مهجوراً لا أحد يعرفني فيه. لا أريد الموت. أريد عالماً وحدي. لكن الحقيقة أنني أريد أن أعيش بسلام وعفويه مع الجميع، ولا أتصنع المثالية خوفاً من ملاحظتي ومراقبة من هم حولي. أريد حلاً للرهاب الاجتماعي والمعنوي الذي يدمرني.
أهلاً بك يا رهف،
معاناتك يا ابنتي صعبة، ولكنها معروفة عندنا ومشهورة جداً وتنتشر كثيرا بين البشر، فكل تفاصيل مشاعرك هذه تندرج تحت الاضطراب النفسي الشهير المعروف باسم "القلق"، وتخرج من تحته أنواع تفصيلية، كاضطراب القلق العام، أو القلق في التعامل مع الناس وكيف سيحكمون عليك، وتخرج من تحته أيضا الوساوس القهرية التي تقحم نفسها بشراسة في عقل صاحبها فتجعله يقع في التفاصيل حتى لو كانت تافهة من وجهة نظر صاحبها نفسه.



رغبتك في البقاء وحيدة هو حل غير ناضج لمشكلة لا تحل بخلق عالم خالٍ من البشر؛ لأنه ضد فطرتك كإنسانة، ونفس طريقة الهروب تلك هي التي جعلت فتيات كثيرات يهجرن عالمهم الواقعي إلى عالم أحلام اليقظة الذي يسرق العمر، والوجود الحقيقي، والوقت، والواقع، وكل شيء، أو خلق عالم افتراضي كاذب مزيف لا يمت بصلة إلى صاحبه على شبكة الإنترنت المتخفية وراء ستائر كثيرة، وغيره مما رأيناه يا ابنتي، والحقيقة أن تلاحق تلك الأفكار هو ما يقعدك عن التواصل الطبيعي بينك، وبين نفسك؛ فأنت تأتأتين فقط لأنك مشغولة بفكرة كيف سيراك من أمامك، وكيف سيحكم على ما تقولينه، ويسقط حينها عنك ما تتحدثي عنه أصلا، وهذه نقطة مهمة تحتاجين إلى مراجعتها حين تتحدثين مع آخر؛ لأن تركيزك يذهب في الأفكار وليس فيما تتحدثين عنه.



لقد كتبنا هنا في الموقع كثيراً عن مشكلات القلق، وخطوات علاجية ذاتية فيها، وتحدثنا باستفاضة عن أنواع كثيرة من القلق، وكذلك هناك عشرات الردود على مثل ما تعانين منه، أرجو أن تبحثي عنها وتقرئيها بوعي، وأن صعب عليك أن تتجاوزي تلك المعاناة وحدك؛ فلا تترددي في طلب المساعدة المتخصصة، لتعبري عن معاناتك في جلسات نفسية آمنة، وتبدئي في التدريب على سلوكيات صحية، وتناقشي الأفكار التي تزعجك لتنظيمها، وقد تحتاجين إلى بعض الأدوية لفترة يحددها المتخصص لعلاج أعراض التوتر والاكتئاب التي ألحظها في سطورك، هيا يا ابنتي ابدئي، وكفي عن الهروب لأنه ليس حلا.
آخر تعديل بتاريخ
16 نوفمبر 2018