29 مايو 2020

أعاني من اكتئاب وأصبحت غير راضية

أنا أعاني من اكتئاب، أصبحت غير راضية عن كل شيء، ولا أحب شيئا من حولي ولا حتى نفسي، لدرجة لا أحب حتى النظر في المرآه، شخصيتي ضعيفة، أستسلم بسهولة، أبسط شيء يمكن أن يجرحني، أهرب دائما من المواقف والآخرين، ولا أستطيع تحمل مسؤولية أبسط الاختيارات، حتى الزواج عندما يقترب أشعر بالرعب، ودائما أجد مبررا لفسخ الخطوبة، حتى إني لا أدري إن كنت أحب شخصا آخر أم لا..  ماذا أفعل؟ دائماً أتمنى أن أنام ولا أستيقظ.. ففي بعض الأحيان أرغب في الانتحار، لكني أتراجع.. سأجن.. أرجو أن تساعدوني.
أهلا وسهلا بك يا فاتيما،
أنت فعلاً تعانين درجة من درجات الاكتئاب؛ فالاكتئاب يجعل الشخص غير راغب في الحياة، ويفقد طعم الحياة، ولا يرغب في فعل أي شيء تعوّد على فعله من قبل، ويجعل الإنسان يرى نفسه بطريقة دونية، ولا يجد معنى لأي شيء.



أول ما تحتاجين له هو أن تقولي لنفسك أن ما تشعرين به في كل نفس تتنفسينه هو الاكتئاب الذي يزورك الآن وليس فاتيما؛ فالاكتئاب كما تعلمناه، ورأيناه في مئات البشر هو الذي يجعل الشخص يشعر ويفكر ويتصرف هكذا، ولا يتصور الشخص المكتئب أبداً أن كل ذلك يعود لأعراض الاكتئاب، بل يتصور أنه هو الذي صار هكذا.

لذا يا فاتيما، من الذكاء أن تعودي للأسباب التي جعلت الاكتئاب قادراً على زيارتك والمكوث معك حتى تتخلصي منه؛ فلا يعود ثانية، وهذا الأمر لن يتحقق بتلك السطور بيننا، ولن يتحقق بانتحارك؛ فالانتحار محاولة للتخلص من الألم والمعاناة.



والعلاج النفسي سيجعلك تتخلصين من الألم، وتحتفظين بحياتك، بل وستتحول إلى حياة تستحق أن تحييها، وأنت تحتاجين إلى طريقة علاج تعرف علميا بـ"DBT"، وهي طريقة تناسب الأشخاص الذين لا يتمكنون من فهم مشاعرهم والتواصل معها بشكل صحي، وتساعدهم على الحفاظ على العلاقات التي يريدون الاحتفاظ بها، وكذلك تمكنهم من التخلص من علاقات تؤذيهم، وتجعلهم يقتربون أكثر من أنفسهم من ناحية المشاعر والأفكار والتصرفات؛ ليتمكنوا من إدارة حياتهم من جديد، وتتوقف مع هذه الطريقة كل محاولات إيذاء النفس، وهو ما أرى أنه ما تحتاجين إليه يا ابنتي، وهذه الطريقة اسمها باللغة العربية العلاج الجدلي السلوكي.




وهنا أحب أن أوضح لك أن القراءة عن الأمراض أو طرق العلاج لا توصل أبداً حقيقتها كما يعيشها الشخص بذاته ويمارسها، فأنت مهما حاولت أن تشرحي معاناتك في وصف ما تشعرين به ولا تتمكنين من تسميته، فلن يفهمها ولن يستوعبها شخص قرأ ما كتبته بقدر ما تعيشينه أنت داخل تلك المعاناة، وبالطبع المتخصص الذي درس وشاهد وعرف عن تلك المعاناة من أصحابها وعلمه، لذا اقترح عليك أن تتواصلي مع متخصصين يقومون بهذا النوع من العلاج لأنه يناسبك جدا، وإن لم تجديه عندك لا مانع من القيام به عبر طرق التواصل الموجودة الآن والتي توفر مناخ الأمان، والخصوصية، بالصوت والصورة.. هيا ابدئي.
آخر تعديل بتاريخ
29 مايو 2020