15 يونيو 2019

أخشى الناس وأقلق من كلامهم الجارح

السلام عليكم، نشكركم على ما تقدمونه من خدمة للناس، السؤال أريد أن أعرف ما مشكلتي؟ وهي كالآتي مشكلتي تكمن في أني  أخشى الناس وردودهم والتفكير فيما يقولونه عني من كلام جارح، وهذا أثر في أدائي الوظيفي، وأنا مشتت الذهن، غير قادر على التفكير الصحيح واتخاذ القرارات الصائبة، وأقل نقد يجعلني متدهور المعنويات، ولا أستطيع مزاولة شيء بعدها إلا بعد فترة، وأقل موقع يجعل قلبي ينبض بسرعة، ومرات لا يكون منتظماً ما هي مشكلتي.. وما العلاج؟ وشكراً.
أهلا وسهلا بك يا أخي الكريم،
حين يولد الإنسان يولد ولديه ثلاث مساحات مؤثرة في صحته النفسية بشكل عميق جداً، سواء أدرك الشخص ذلك أم لا، وسواء صدق في ذلك أم لا، والمساحات الثلاث تلك منها ما هو خارج عن إرادة الشخص بشكل كبير كالوراثة الجينية من أهله، وأهله أقصد بهم الأسرة الصغيرة التي جاء منها وهما أبواه، وكذلك الأسرة الكبيرة من أجداد، وأعمام، وأخوال، وعلمنا من الدراسات البحثية أن الشخص تصل درجة وراثته لنسبة أقصاها 25%.


والمساحة الثانية هي "المناخ" الذي نشأ فيه الشخص، وتعلم من خلاله بالتصرفات من حوله في المواقف، والتجارب سواء بكلام مباشر أو غير مباشر بطريقة التصرفات تؤثر في تشكيل طريقة تفكير الشخص، وموقفه من نفسه ورؤيته لنفسه، وموقفه من العلاقات مع الناس، وكيف يستقبل ويعطي معهم ومنهم، وكذلك موقفه ورؤيته للحياة، وكذلك موقفه وعلاقته بالله تعالى وكل هذا يحدث بالتواصل مع من يربي الشخص سواء أدرك أو لا كما ذكرت.

والمساحة الثالثة هي مساحة الخبرات والمواقف الشخصية التي يمر بها الإنسان بنفسه في حياته كيف كانت، وكيف رآها وكيف تعامل معها.


وستلاحظ أن المساحات الثلاث مرتبطة جداً ببعضها بعضاً، ولو لاحظت كذلك أنني قلت في المساحة الأولى التي تخص الوراثة أنها خارجه عن إراده الإنسان "بشكل كبير"، ولم أقل تماماً؛ لأن الدراسات التشريحية قبل الدراسات النفسية العلمية أثبتت أن الإنسان حين يعي ويدرك، ويقرر من خلال رحله حياته أن "يتغير" يحدث تغيير عميق حتى في شكل الخلية، ويحدث تغيير في شكل المخ نفسه.. فما بالك بالمعتقدات والمشاعر والتصرفات؟ فإن كنت تسأل لتعرف ما هذا الذي تعاني منه؛ فأظن أنك ستجد فيما حدثتك عنه إجابات كثيرة، ولكن يبقى الأهم هو "غدا".. رحلة التغيير التي ستحررك من إرث الأمس الذي يسجنك منذ سنوات.



المهم هو كيف ستبدأ رحلة التغيير.. رحلة التغيير ستبدأ بأن تتواصل مع معالج نفسي يراك، ويسمعك، ويساعدك في حدود طاقتك وظروفك بطرق مهنية متعددة تعلمها، وستنجح تلك الرحلة حين "تصدق" أنك مثل غيرك ممن تغيروا بعد طول معاناة.. دمت بخير.
آخر تعديل بتاريخ
15 يونيو 2019