11 سبتمبر 2020

أبي توفي وعمري 4 سنوات وأمي تزوجت وأكره زوجها

أنا أبي توفي من ١٢سنه، وامي تزوجت السنة اللي فاتت، وانا ما كنت أريدها أن تتزوج، وكرهت زوجها حتى ما أحب اني ادخل بيته، أنا حاليا أعيش مع إخواني لأني بحس اني بموت لما ادخل بيته، وأحس أني بموت وأختنق، وأحيانا أفكر أنتحر كل يوم وما ابتسم، وأحس كأن أبي يحضنّي لما أحزن ما أقدر أنساه مع اني ما اتذكر ولا شي عنه لأني كنت صغيرة، بس صورته معاي بس احس اني كرهت امي لفترة، وما قلت هذا الشي لاحد ابدا
أهلاً وسهلاً بك عزيزتي سالمة؛
شكرا لثقتك بنا وفتح قلبك؛
عزيزتي سالمة.. أنا حاسة بوجعك.. مدركة للألم الذي يعتصرك.. وأعرف أن ما تعانينه مؤلم بالنسبة لك.

عزيزتي سالمة، لن أقول لك ارجعي إلى حضن أمك، ولن أقول لك أعطي لها وزوجها الفرصة لتعيشي معهما وتجربي طباعهما.. لكن سأشرح لك الأمر وجذوره، وأترك لك ولذكائك الخيار الصحيح.

قد يبدو أن فقدانك لوالدك في عمر الأربع سنوات ليس بتأثير كبير عليك.. فأنت لم تعرفيه.. لم يكن لديك معه الكثير من الذكريات.. وحتى الذكريات ضبابية ومتباعدة.. فممكن أن يعتقد الشخص لماذا أتألم لفقده على الرغم أني لا أعرفه.. دعيني أخبرك عزيزتي أن هذا الفقد قد يكون أشد على الأصغر عمراً.. الأم والأب ليسا فقط مثالاً للعناية والاهتمام والرعاية، وإنما هما أيضا نموذجان مقدسان في حياة الأبناء.. لذلك فإن فقدانهم حتى بدون معرفتهم قد يزيد هذا الأمر وجعا لأن المجهول قد يكون أكثر قدسية من المعروف.

نحن نحيط الناس المجهولين بالنسبة لنا بهالة من الحب من دون أن نعرفهم ليس لما نعرف عنهم، وليس بسبب ذكرياتنا عنهم، وإنما بسبب ما يمثلونه لنا.. أكيد صورة والدك مقدسة بالنسبة لك، وما تفتقدينه هو هذه القدسية.. ولكن يا عزيزتي فكري معي.. هل هذه القدسية موجودة فقط في الأب.. كلا.. وأعتقد أن فتاة ذكية مثلك يا سالمة ستعدد على الأقل شخصين يحملان نفس الأهمية بالنسبة لك، وممكن أن تكون أمك من ضمنهما، لذلك أنت لم تفقدي الكل.. أكيد رُزقت بناس يحبونك وتحبينهم.

قرأت بين أسطرك امتعاضا شديدا من زواج والدتك.. ربما بسبب اعتقادك أنها خانت الأمانة بعد والدك.. وممكن لظنك أن زوجها أخذ مكان والدك.. دعيني أناقشها معك واحدة واحدة:
- أمانتها تجاه والدك هي بالاستمرار برعايتكم وحبكم وأعتقد أنها أنتجت لنا فتاة ذكية.. لماحة.. ذات إحساس نقي اسمها سالمة.
- وأما كون زوجها أخذ مكان والدك.. فهذا الأمر لم ولن يحدث.. فمكانته محفوظة في قلوبكم، واحترامه موجود وسيظل موجودا.

بُنيّتي سالمة فكري جيداً بما قلته.. وأنا أترك لك الاختيار بالتواصل مع والدتك وإعطائها فرصة هي وزوجها، والأمر الأهم الذي أطلبه منك هو التواصل مع مختص نفسي لتفريغ كل هذه التراكمات، والتخلص من شعور الضيق والاختناق الذي وصفتِه، ومؤكد أني أرجو منك وبشدة أن تبتعدي عن فكرة الانتحار لأنك ثمينة جداً دون أن تدركي ذلك.. أمامك الكثير والأهم تركيزك على دراستك، وتطوير حياتك، فهذا أهم ما في الحياة.. أتمنى لك كل التوفيق عزيزتي سالمة.


اقرئي أيضاً:
مراحل ألم الفراق.. افهمها لتتعافى
كيف تتجاوز ألم فقدان الأحبة؟
آخر تعديل بتاريخ
11 سبتمبر 2020