"أنا مش فاهمة نفسي".. عليك بزيارة طبيب نفسي
الأستاذة العزيزة سارة
تحية طيبة..
قرأت رسالتك، ورغم شعورك بطول الرسالة إلا أنها أخرجت ما بداخلك.
وفي الحقيقة رسالتك حملت مشاكل متعددة، ويبدو منها أنك ربما تُعانين من اضطراب الاكتئاب، وبالتحديد الذي يُعرف بالاكتئاب غير التقليدي؛ أي أنه ليس اكتئابا عاديا تقليديا، كما يحدث مع أكثر الناس.
ما ذكرته من مشاعر متضاربة يدل على عدم استقرارك النفسي، ويُشير إلى أنك شخص يعيش تشوّشا مُزعجا؛ عدم ثباث مزاجك وعدم قدرتك على التحكّم في مشاعرك تجاه نفسك وتجاه الآخرين، كل هذا جزء من اضطراب الاكتئاب؛ فأنت شخص تحاولين أن تظهري أمام الآخرين بأنك إنسانة سعيدة، بل وقادرة على مساعدة الآخرين..
تحاولين أن تُصغي لمشاكل أقاربك وصديقاتك وتعطيهن إيحاءً بأنك إنسانة قادرة على حل مشاكل الآخرين، مما رسّخ لديهم القناعة بأنك إنسانة قوية، قادرة على مساعدة الآخرين وحل مشاكلهم، وهذا جعلهم يتوقعون منك الكثير.
وعندما تعبت من لعب دور الشخص القادر على مساعدة الآخرين، وشعرت بأن هذا الأمر أكبر من استطاعتك، انهارت دفاعاتك النفسية وانكفأتِ على نفسك.. شعرت بأنك إنسانة ضعيفة.. لا حول لك ولا قوة في لعب الدور الذي كنت تتوقعين أنه يليق بك، انكشف الحاجز الذي كنت تضعينه، وكان أفضل طريق لك هو الهروب داخل ذاتك، والانكفاء على نفسك، لذلك اعتزلت الآخرين وهربت منهم.
وهم بدورهم شعروا بأنك خذلتهم فكان تقييمهم لك سلبياً، ولم يعرفوا بأنك إنسانة تُعاني من مشكلة نفسية، وأن حالتك في الغالب ضمن أنواع الاكتئاب غير التقليدي.
لذلك أصبحت تتصرفين دون قدرة منك على السيطرة على سلوكك، مثل الأكل بشراهة، ما أدى إلى زيادة وزنك، وأصبحت تكرهين شكلك، ومع ذلك لم تستطيعي التوقف عن نوبات الشراهة، (وربما كان هذا من الاضطرابات التي تُرافق الاكتئاب، حيث يلجأ الشخص المكتئب إلى تفريغ همومه بالأكل، ويشعر بالسعادة المؤقتة من الأكل ولكن بعد ذلك يشعر بتأنيب الضمير والندم ولا يستطيع فعل شيء يُخرجه من هذه المشكلة).
إن الآخرين الذين كانوا يعتمدون عليك في حل مشاكلهم والطبطبة عليهم لم يتقبّلوا وضعك الحقيقي الذي لا يعرفونه، فحملوا مشاعر سلبية تجاهك، وهذا أيضاً أدى الى الشعور بالخذلان وكذلك الندم على ما فعلته معهم.
يا سيدتي الفاضلة؛
أنت بحاجة إلى طبيب نفسي، وأن تتحدثي معه بشكل واضح وصريح عن مشاكلك هذه، وليتك تُرتبين ما ستقولين له، لأن عدم ترتيب المشكلة أحيانا يجعلها لا تُفهم من الآخرين، وخاصة أن الأطباء في أغلب الأحيان ليس لديهم الوقت الكافي للاستماع إلى مشاكل غير مُرتبة.
أعتقد بأن ذهابك إلى طبيب نفسي سوف يُساعدك، وربما تحتاجين إلى دواء، وكذلك إلى علاج نفسي (معرفي وسلوكي)، ولكن الطبيب الذي تذهبين اليه هو من يُقرر ما هو الأكثر فائدة بالنسبة لك.
لا تترددي واطلبي المساعدة، فأنت في وضع فعلاً يحتاج إلى شخص مهني يُساعدك.
وفّقك الله وكان في عونك.
اقرئي أيضا:
هل تحتاج لطبيب نفسي؟
الاكتئاب.. علاماته وأسبابه
اضطراب الشخصية الحدية .. نظرة من الواقع العربي