تقنية بسيطة وفعالة لتخفيف الغضب وفق دراسة جديدة

إعداد رنا خزعل

الغضب هو شعور طبيعي يمر به كل إنسان من وقت لآخر، وينبع هذا الشعور من مجموعة من العوامل، بما في ذلك التعرّض لظروف أو مواقف معينة، مثل التهديد، والإهانة، والظلم، والتعرّض لمشاعر معينة مثل الخوف، والقلق، والحزن، والخجل. ولكن السيطرة على الغضب بشكل صحي أمر ضروري لتجنب آثاره السلبية على حياتنا، سواء المهنية أو الشخصية. وفي هذه الدراسة، التي نُشرت نتائجها في مجلة Scientific Reports العلمية، قدَّم العلماء طريقة بسيطة للغاية لا تتطلب سوى ورقة وقلم، وربما دقائق معدودة، لتخفيف الغضب أو التخلّص منه.

اكتشاف مثير للاهتمام: طريقة بسيطة لتخفيف الغضب

توصل مجموعة من الباحثين في اليابان إلى أن كتابة رد فعل الشخص تجاه حادثة سلبية على قطعة من الورق ثم تمزيقها أو رميها يقلّل من مشاعر الغضب. وقال البروفيسور نوبويوكي كاواي، الباحث الرئيسي للدراسة من جامعة ناغويا في اليابان: "كنا نتوقع أن تقلّل طريقتنا من الغضب إلى حد ما، ولكننا اندهشنا من أنه قد تلاشى بالكامل تقريبًا".

الغضب يهدّد حياتنا الشخصية والمهنية

السيطرة على الغضب في كلٍ من المنزل ومكان العمل هو أمر بالغ الأهمية، وذلك لتجنُّب العواقب السلبية التي يمكن أن تؤثر على حياتنا المهنية والشخصية. فقد يؤدي عدم السيطرة على الغضب والتعبير عنه بطريقة غير صحية إلى سلوكيات عدوانية أو غير لائقة، واتخاذ قرارات متسرّعة، وخلافات ونزاعات مع العائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل.

وفي هذا الصدد، يقترح الاختصاصيون العديد من تقنيات السيطرة على الغضب، ولكن تفتقر هذه التقنيات إلى أدلة علمية قوية تدعم فعاليتها، وبالإضافة إلى ذلك، قد يصعب تذكرها في لحظات الغضب وتطبيقها.

دراسة العلاقة بين كتابة الأفكار والمشاعر السلبية على ورقة ثم التخلّص منها، وتخفيف الغضب

اعتمدت هذه الدراسة على أبحاث سابقة حول العلاقة بين الكلمة المكتوبة وتخفيف الغضب، بالإضافة إلى دراسات توضح كيف يمكن للتفاعلات مع الأشياء المادية التحكم في حالة الشخص المزاجية.

وطلب الباحثون من المشاركين كتابة آرائهم حول مشكلات اجتماعية مهمة، مثل ما إذا كان ينبغي حظر التدخين في الأماكن العامة. وبعد ذلك، قام الباحثون، بغض النظر عما كتبه المشاركون، بتقييم الأوراق بدرجات منخفضة لمستويات الذكاء والاهتمام والود والمنطق والعقلانية، كما أضافوا تعليقًا قاسيًا على الأوراق: "لا أستطيع أن أصدق أن شخصًا متعلمًا يمكن أن يفكر بهذه الطريقة، آمل أن يتعلم هذا الشخص شيئًا ما أثناء وجوده في الجامعة".

 

وبعد توزيع هذه الأوراق التي تحتوي على التعليقات السلبية على المشاركين، طلب الباحثون من المشاركين أن يكتبوا رأيهم بشأن هذه التعليقات، وأن يركزوا على ما أثار مشاعرهم، ثم قاموا بتقسيم المشاركين إلى مجموعتين.

وبعد ذلك، طلبوا من المجموعة الأولى إما التخلص من الورقة التي كتبوها في سلة المهملات أو الاحتفاظ بها في ملف على مكتبهم، بينما طلبوا من المجموعة الثانية أن تقوم بإتلاف الورقة في آلة تمزيق الورق أو وضعها في صندوق بلاستيكي، ثم طلبوا من جميع المشاركين تقييم غضبهم بعد إحساسهم بالتعرض للإهانة بسبب تلقيهم للتعليق السلبي، وبعد التخلص من الورقة أو الاحتفاظ بها.

كتابة الأفكار والمشاعر السلبية على الورق يساعد في التخلص من الغضب

وكما هو متوقع، أظهرت نتائج هذه الدراسة أن الكتابة عن المشاعر السلبية يمكن أن تساعد في تخفيف حدة الغضب، وخاصة إذا تم التخلص من الكتابة بعد ذلك، حيث أبلغ جميع المشاركين عن ارتفاع مستويات الغضب لديهم بعد تلقيهم للتعليقات المهينة.

 

ولكنها انخفضت بشكل ملحوظ لدى المشاركين الذين تخلصوا من الورقة التي كتبوا عليها ردود أفعالهم على التعليقات، سواء عن طريق رميها في سلة المهملات أو تمزيقها. وفي المقابل، لم يشهد المشاركون الذين احتفظوا بنسخة ورقية تحتوي على التعليق المهين سوى انخفاضًا طفيفًا في مستوى غضبهم الإجمالي.

تقنية بسيطة وفعالة للسيطرة على الغضب

يرى البروفيسور كاواي أن دراسته يمكن أن تكون مفيدة بشكل خاص لرجال وسيدات الأعمال الذين يواجهون مواقف عصبية في عملهم، وأوضح أنه يمكن تطبيق هذه التقنية عندما يشعرون بالغضب في موقف عمل من خلال كتابة مصدر هذه المشاعر على ورقة ثم يتخلصون منها.

 

وإلى جانب فوائدها العملية، فقد تساهم هذه النتائج في فهم أصول التقليد الثقافي الياباني القديم المعروف باسم "هاكيداشيسارا" بشكل أفضل، ففي هذا المهرجان السنوي، يقوم الناس بتحطيم أقراص صغيرة تمثّل الأشياء التي تثير غضبهم. وقد فسر الباحثون الشعور بالارتياح الذي يشعر به المشاركون بعد مغادرة المهرجان على أنه نتيجة لتخلصهم من مشاعر الغضب المكبوتة.

المصادر:
آخر تعديل بتاريخ
27 أبريل 2024