04 مايو 2019

لا أستطيع التوقف عن التفكير

لا أستطيع التوقف عن التفكير والتخطيط.. أحس بالفراغ وبأن ليس لدي هدف ولا فائدة ترجى من أي شئ، أحاول دائما مشاهدة الأفلام أو قراءة روايات حتى لا أبقى وحيداً مع نفسي.. أحس أن أوراق حياتي مبعثرة.. لا أعرف ماذا أريد ولا إلى أين أنا ذاهب.. أخاف من المستقبل وأحس أن الوقت يجري وأنني لن أكون سعيد.. لا أحس في بعض الأحيان بوجود الله، ولا بطعم العبادة، ولا أقوى على فعل أي شئ. عانيت من صدمة وخوف بعد نوبات اختناق - حساسية، غير مرتاح في عملي ولا زواجي، أحس أنهما فرضا علي، اجتزت مباريات كي أحسن وضعيتي، ولكن دائما لا أوفق.. شكراً لكم
أهلاً وسهلاً بك يا أحمد،
رغم كل الإحباط الذي يتساقط من سطورك، إلا أنني رأيت جزءاً بداخلك أنت لا تراه أو لا تقدره بالشكل الذي يستحقه، هذا الجزء هو الذي يبعث فيك الأمل مهما قهرت هذا الأمل بتلك الأفكار التي تسجنك سجناً مشدداً لا ترى منه نجاة.. هذا الجزء هو "دأبك" الذي يجعلك بعد كل خطوة متعثرة يساندك لتفكر في أمر آخر جديد قد ينقذك، وهذا الجزء فيك هو أصل الحياة الموجودة بداخلك يا أحمد رغم تصور موتك.



والسؤال المشروع الآن هو من أين جاء هذا السجن، ولماذا أنت فيه حتى الآن؟ والحقيقة أن إجابة السؤال الأول كالسهل الممتنع تعرفه بسهولة ولكن يصعب حله بسهولة.. فالسجن جاء من صوت الأمس الذي ترعرت فيه؛ فلعل خبرتك في الطفولة والمراهقة ليست أفضل شيء، أو لعل هناك مساحة وراثية تخص الاكتئاب، أو لعل افتقادك لاحتياجات مثل الحب غير المشروط، أو الاهتمام النفسي، أو حتى أن يراك من حولك، ويقدروا مشاعرك ويحترموها، كان سبباً قوياً في دخولك هذا السجن الخانق.

ولكن حل ما حدث يحتاج لجهد كبير ووقت ودأب، والحمد لله أنك تحمل منهم اثنين، فأنت تجتهد في حدود معرفتك، ودؤوب جداً حتى تلك اللحظة التي تقرأ فيها الرد؛ والحقيقة أن الجهد يحتاج أن يختلف قليلاً عما بذلت، والوقت يحتاج لصبر، ولكن لصبر "مخطط" يجعلك لأول مرة تتلمس طريقك وتتعرف عليه.


وهذا الصبر سيجعل السؤال الثاني هو الحل؛ ألا وهو أن السجن الذي دخلته هذا كان مفروضاً عليك أو مضطراً له حين كنت صغيراً، ولكن الآن ما السبب في أن تظل محبوساً فيه؟ ولو جعلت جزءاً من تفكيرك يرد على هذا السؤال؛ ستجد أنك أنت الآن من يقرر البقاء في سجن الأمس؛ فلتمد يدك لنفسك بشكل واعٍ ومسؤول وصحيح يا أحمد، ويحدث ذلك حين تتواصل مع متخصص نفسي يقوم بعمل جلسات نفسية، يتعرف معك فيها على هذا السجن الذي يسجنك في توقعات لا تخرج عن العجز والفشل والإحباط، وسيستخدم معك طرقاً متنوعة للتحرك من هذا السجن، فلا تنتظر أن تحل مشكلاتك دون أن تكون "موجوداً"؛ فأول الخيط هو أن تكون حاضراً وموجوداً؛ لتتمكن بعدها من أن تكون مسؤولاً عن "نوعية" وجودك.. هيا ابدأ.
آخر تعديل بتاريخ
04 مايو 2019