العلاج الشامل.. هو نوع من أنواع العلاج الذي يهتم بعلاج العقل والجسد والروح لدعم الصحة والشفاء، إنه مشابه جدًا للعلاج العام أو الاستشارة، ولكنه غالبًا ما يعتمد على الممارسات التكميلية والبديلة التي قد تكون لدى المعالج أيضًا في صندوق أدواته.
بمعنى آخر، إنه يجمع بين الصحة العقلية والعاطفية والجوانب الجسدية والروحية. مثلًا، قد يعاني الشخص المصاب باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) من ألم جسدي وارتعاش، وقد يعاني أيضًا من انعدام الثقة في العالم باعتباره مكانًا آمنًا وراعيًا، ويمكن أن يساعد العلاج الشامل في معالجة كل هذه الأعراض، سواء كانت جسدية أو عاطفية أو حتى روحية.
فوائد العلاج الشامل
يقول الخبراء إن الأدلة، وليست الحكايات، هي التي ساعدت في إضفاء المصداقية على استخدام العلاج الشامل في مجال الصحة العقلية. هناك مجموعة ناشئة ومتنامية من الأبحاث حول فوائد العلاج الشامل، إذ تشير الأبحاث التي تمت مراجعتها من قبل النظراء إلى أن العلاج الشامل يمكن أن يساعد في تحسين الصحة العقلية بشكل عام، وقد يقدّم فوائد لما يلي:
- الاكتئاب.
- القلق.
- الضغط.
- الوظيفة المعرفية.
- التواصل العائلي.
- الإدمان.
- الصدمة.
- الألم المزمن.
تشير تجربة مراقبة عشوائية أجريت عام 2019 على 230 مراهقة في الهند إلى أن الأفراد الذين خضعوا لبرنامج إدارة الإجهاد الشامل لمدة شهر واحد كانوا أقل توترًا وقلقًا واكتئابًا من المجموعة الضابطة.
كما تشير دراسة أجريت عام 2017 على 40 شخصًا بالغًا يتمتعون بصحة جيدة إلى أن التنفس البطني، وهو أداة شائعة في العلاج الشامل، يمكن أن يحسن الوظيفة الإدراكية ويقلل من استجابات التوتر.
وتشير تجربة مراقبة عشوائية أجريت عام 2021 على أشخاص تحت المراقبة في هونغ كونغ إلى أن الأفراد الذين خضعوا لتدخل صحي عائلي شامل يتضمن نشاطًا بدنيًا بسيطًا كان لديهم تواصل عائلي أفضل.
غالبًا ما تُستخدم اليوغا كجزء من العلاج الشامل، إذْ تشير مراجعة منهجية عام 2021 إلى أن عدة أنواع من اليوغا، وخاصة هاثا يوغا، يمكن أن تساعد في علاج إدمان النيكوتين أو الكحول أو المخدرات لدى النساء.
وتشير دراسة صغيرة أجريت عام 2017 على 63 مشاركًا إلى أن التنفس الجسدي قد يكون فعالًا للأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة. كما تشير المراجعة المنهجية والتحليل التلوي لعام 2017 إلى أن التأمل قد يكون له تأثير بسيط على الألم المزمن وتحسين أعراض الاكتئاب.
ماذا تتوقع عند إجراء العلاج الشامل؟
- من المرجح أن يكون بدء العلاج الشامل مشابهًا جدًا لأي علاج منتظم، إذْ سيعمل معالجك معك لوضع خطة علاجية بناءً على احتياجاتك وتفضيلاتك وخبراتك. من المحتمل أن يقوم بدراسة شاملة لفهم تاريخك قبل الغوص في العلاج.
- هناك مجموعة واسعة من الأشكال التي يمكن أن يتخذها العلاج الشامل، ومن الأفضل أن تكون تجربتك مصممة خصيصًا لك.
- إن الهدف النهائي للعلاج الشامل هو القدرة على التنظيم الذاتي، أو إدارة الأفكار والمشاعر بشكل فعال، فالكثير من تقنيات العلاج الشامل تعمل مع الجسم لتنظيم الجهاز العصبي، ويمكن أن يشمل ذلك أي شيء، بدءًا من التنفس وحتى التمارين الجسدية وممارسات الحركة.
- وقد يتعلم الفرد من خلال العلاج الشامل أن يكون لديه قدرة أكبر على التحكم في التنفس، وإذا تمكنا من التحكم في التنفس، فيمكننا البدء في إدارة ما نمر به في تلك اللحظة.
- إن العلاج الشامل يزيد أيضًا من الوعي الذاتي والجسدي، إنه يمكّن الأفراد من العمل من خلال المحفزات والقضايا خارج غرفة العلاج، مما يمنحهم أدوات قابلة للتنفيذ لتمكينهم من الشفاء.
أنواع العلاج الشامل
العلاج النفسي الشامل هو مصطلح شامل يمكن أن يشمل عددًا من أنواع العلاجات المختلفة. قد يشير المحترفون الذين يقدمون هذا النوع من العلاج إلى أنفسهم على أنهم معالجون شموليون، لكنهم قد يشيرون أيضًا إلى أنواع ممارساتهم على النحو الآتي:
- العلاج الانتقائي أو التكاملي: نهج يعتمد على تقاليد وتقنيات متعددة من أجل تلبية احتياجات الشخص على أفضل وجه.
- العلاج العقلي والجسدي: يشير هذا إلى مجموعات من التقنيات التي تركز على تحسين أداء الجسم والحث على الاسترخاء كوسيلة لتحسين الصحة.
- العلاج الجسدي: نهج يتمحور حول الجسم، ويَستخدم استراتيجيات مثل التنفس والرقص والتأمل لعلاج الصدمات والتوتر ومشكلات الصحة العقلية الأخرى.
- العلاج الروحي: نهج يدمج أنظمة الاعتقاد والإيمان الروحي لاستكشاف المشكلات التي يواجهها الشخص في حياته.
تقنيات العلاج الشامل
يَستخدم العلاج الشامل مجموعة من التقنيات لمساعدة الأفراد على فهم أعراضهم، وتم تصميم هذه الاستراتيجيات لتعزيز شعور أكبر بالوعي الذاتي لفهم الروابط بين الجسم والعقل والعلاقات بشكل أفضل، وكيف تلعب هذه العناصر دورًا في الصحة العقلية.
غالبًا ما تكون هذه التقنيات متجذرة في ممارسات اليقظة الذهنية والجسدية، فقد تتضمن هذه التقنيات تقنيات شائعة الاستخدام في الطب التكميلي والبديل (CAM) المصممة لتعزيز الاسترخاء ومساعدة الأفراد على فهم العلاقة بين الجسم والعقل والروح بشكل أفضل.
بالإضافة إلى هذه العناصر، يدمج المعالجون مناهج العلاج النفسي بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، والتحليل النفسي، والعلاج الذي يركز على الشخص.
-
الريكي
وهو شكل ياباني من أشكال العلاج بالطاقة، يتضمن قيام الشخص بالاستلقاء بسلام على طاولة أو حصيرة، حيث إن الممارس قد يضع يديه بلطف على جسم العميل أو فوقه لتحرير الطاقة التي يمكن أن تتعثر خلال فترات التوتر أو الصدمة الطويلة.
تشير دراسة أجريت عام 2019 إلى أن الريكي يمكن أن يقلل من الاكتئاب والقلق ويحسن نوعية الحياة. على الرغم من الحاجة إلى مزيد من الأبحاث، يقترح المؤلفون أن النتائج الأولية تشير إلى أن الريكي يمكن أن يكون مفيدًا في رعاية نهاية الحياة، وتشير دراسة أجريت عام 2021 إلى أنه يمكن أن يساعد في تقليل التوتر لدى مقدمي الرعاية لمرضى السرطان.
-
العلاج الصوتي
إن الحمامات الصوتية هي نوع من العلاج الصوتي الذي يستخدم أوعية الغناء، تخلق هذه الأوعية اهتزازات قد تغير موجات الدماغ لتحسين الصحة، ويمكن أن تساعد في تحقيق التوازن بين أنظمة الشاكرا، وهي مراكز الطاقة المرتبطة بأعضاء معينة.
-
التنفس
ينظِّم عملُ التنفس، كما يوحي الاسم، الجهازَ العصبي من خلال التنفس. يمكن أن يساعد التنفس في علاج الصدمات، على الرغم من أن الخبراء يحذرون من أنه يمكن أن يثير بعض الأشخاص. من المهم القيام بالتنفس بالتشاور مع أخصائي رعاية صحية مرخص، حيث إن التنفس يمكن أن يزيد أيضًا من سعة الرئة ويقلل القلق ويحسّن النوم.
-
التأمل واليوغا
يركز التأمل بشكل أكبر على البقاء حاضرًا في الوقت الحالي. يقول الخبراء إنه يمكن أن يساعد في إدارة التوتر وتحسين الوضوح العقلي وزيادة الوعي الذاتي، كما يلاحظ الخبراء أن اليوغا تعزز الاتصال بين العقل والجسم والروح من خلال التنفس والحركة واليقظة.
-
الوخز بالإبر والتدليك
أثناء الوخز بالإبر، سيقوم ممارس مرخص بإثارة نقاط محددة في الجسم عن طريق إدخال الإبر. يقول تحليل أجري عام 2018 أنه يمكن أن يساعد في تخفيف الألم، بما في ذلك الصداع.
يستخدم التدليك لمسة خفيفة وثقيلة. على الرغم من أنه يُنظر إليه في كثير من الأحيان على أنه وسيلة للتخلص من الألم الجسدي، فإنه قد يساعد في الصحة العقلية والعاطفية، على الرغم من أن البحث ما يزال غير مكتمل. تشير مقالة عام 2018 إلى أن البيانات المتاحة تشير إلى أن التدليك قد يقلل من المزاج المكتئب والقلق الحاد، على الرغم من أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول آثاره على الاكتئاب والقلق.
-
تاي تشي، التأريض، والعلاج العجزي القحفي
تاي تشي، أو التأمل أثناء الحركة، هو شكل من أشكال الفنون القتالية ذات التأثير المنخفض التي نشأت في الصين القديمة. تشير دراسة أجريت عام 2018 إلى أنه قد يساعد في علاج التوتر.
يقول الخبراء إن التأريض Grounding يساعد على تعزيز وعيك باللحظة الحالية من خلال الاتصال بإحدى حواسك أو جميعها، مثل الشعور بقدميك على الأرض، أو شم قهوتك الصباحية، أو ملاحظة لون السماء. يمكن أن يكون التأريض مفيدًا للقلق واضطراب ما بعد الصدمة والنوم والتنظيم العاطفي.
يهدف العلاج القحفي العجزي إلى مساعدة الشخص على الاسترخاء من خلال اللمس الخفيف، تشير دراسة أجريت عام 2020 إلى أنه يمكن علاج الصدمات الشديدة عند استخدامه مع العلاج النفسي.
ممارسة العلاج الشامل شخصيًا
بالإضافة إلى التقنيات التي يمكنك العمل عليها مع أحد المتخصصين، يقول الخبراء إن هناك طرقًا لدمج العلاج الشامل في حياتك اليومية، بما في ذلك:
- المشي في الطبيعة للتواصل مع محيطك.
- ممارسات التنفس.
- تمارين التأريض.
- تكرار أدعية يومية.
- ممارسة الامتنان.
- الصلاة.
ما مدى فعالية العلاج الشامل ؟
بسبب التنوع الكبير في التقنيات والأساليب المستخدمة في العلاج الشامل، قد يكون من الصعب تقييم فعاليته. ومع ذلك، فإنه غالبًا ما يشتمل على علاجات أخرى تم التحقق من صحتها تجريبيًا مثل العلاج السلوكي المعرفي والعلاج النفسي الديناميكي القصير.
- كانت تقنيات مثل الوخز بالإبر واليوغا والتنفس العميق فعالة أيضًا في العديد من الأغراض.
- تشير بعض الأبحاث إلى أن الرعاية المتكاملة والشاملة يمكن أن يكون لها فوائد عديدة.
- اقترحت إحدى المقالات لعام 2017 أن الأساليب الشاملة تقدم فوائد جسدية وعقلية وفعالة من ناحية التكلفة أيضًا.
- لقد وجدت الأبحاث أن اليقظة الذهنية والتأمل مفيدان لتقليل القلق والتوتر، ويمكن تكييفهما لأغراض ومواقف مختلفة.
- قد تساعد الصور الموجهة، والتي تُستخدم غالبًا في الممارسات الشاملة، على تحسين النوم وتحسين الحالة المزاجية وتقليل التوتر وتحسين الاسترخاء.
- أظهرت الأبحاث أن تقنيات التنفس العميق يمكن أن تقلل من مستويات التوتر وتعزز الاسترخاء، مما قد يفيد الصحة البدنية والعقلية.
أشياء يجب أخذها بالاعتبار
كما هو الحال مع أنواع العلاج الأخرى، من الضروري أن تكون على استعداد للعمل مع المعالج الخاص بك للتعامل مع الصراعات العاطفية والعقلية التي تواجهها. تتطلب الأساليب الشاملةُ المشاركةَ وغالبًا ما تكون عملية للغاية.
يشير المركز الطبي الأكاديمي غير الربحي كليفلاند كلينك إلى أن العلاج الشامل لا ينبغي أن يحل محل الطب التقليدي، ولكن يمكن استخدامه مع علاجات أخرى للمساعدة في تحسين عملية الشفاء والصحة العامة. في بعض الحالات، قد يبدأ المعالج الخاص بك بتقنيات علاج نفسي أكثر تقليدية قبل الانتقال إلى علاجات بديلة أخرى.
الخلاصة:
يدمج العلاج الشامل العقل والجسد والروح في عملية الشفاء، وهناك مجموعة متزايدة من الأبحاث حول كيف يمكن للعلاج الشامل أن يساعد في تخفيف الصدمات والقلق والاكتئاب، بالإضافة إلى تحسين العلاقات والرفاهية العامة.
قد يتضمن العلاج الشامل طرائق مثل الحركة أو التأمل أو الريكي أو التدليك أو الوخز بالإبر في مساحة العلاج. تأكد من العثور على ممارس مرخص يتمتع بأوراق اعتماد في نوع العلاج العلاجي الشامل الذي ترغب في تجربته. العلاج الشامل ليس بديلاً عن تناول الأدوية، أو زيارة طبيب نفسي لعلاج الحالات المشخصة، أو زيارة الطبيب.
