صحــــتك

المضادات الحيوية وخطر الإصابة بالأورام

المضادات الحيوية وخطر الإصابة بالأورام
 
هل أصبت يوما بنزلة برد، وقررت تناول أحد المضادات الحيوية كعلاج لهذه النزلة؟ هل أصيب أحد أولادك بنزلة معوية، وطلب الطبيب عدم إعطائه مضادا حيويا كعلاج لكنك أصررت على ذلك؟ حسنا.. عليك أن تعلم أن هذه الممارسات تضرك أكثر بكثير مما تفيدك، فهي تؤدي إلى زيادة مقاومة البكتريا (وهي أحد أنواع الكائنات المسببة للعدوى) للمضادات الحيوية، وبالتالي لن يفيد المضاد الحيوي حين تحتاج بالفعل إلى تناوله لعلاج أحد أنواع العدوى، وهذا الضرر لا يقتصر عليك، بل تمتد آثاره للمجتمع بالكامل الذي تظهر فيه سلالات من البكتيريا لا تؤثر فيها المضادات الحيوية المعروفة.

 
 

ليس هذا هو الخطر الوحيد، فهناك خطر آخر محتمل، وهو خطر زيادة احتمالات الإصابة ببعض الأورام مع تناول بعض المضادات الحيوية.

* ماذا يقول العلم؟
في دراسة حديثة شملت قرابة 29 ألف مريض أصيبوا بسرطاني القولون والمستقيم ونشرت بمجلة القناة الهضمية، اكتشف عدد من الباحثين الأميركيين أن تناول بعض المضادات الحيوية يرتبط بزيادة احتمال الإصابة بسرطان القولون (الجزء الأول منه بشكل خاص)، وهذا التأثير يرتبط بالذات بالمضادات الحيوية التي تقتل البكتيريا غير الهوائية (وهي البكتيريا التي لا تحتاج إلى الأكسجين لتعيش وتتنفس)، والمضادات الحيوية المتهمة تشمل بعض الأنواع الشائعة مثل البنسلين، الزيادة في احتمالات الإصابة تصل إلى 15 بالمائة، إذا تم تناول هذه المضادات الحيوية لمدة تتراوح بين 30 إلى 45 يوماً.

لكن الدراسة في المقابل حملت خبراً سعيداً، فقد وجدت أن تناول المضادات الحيوية يرتبط بخطر أقل للإصابة بسرطان المستقيم، خاصة إذا كان هذا الأمر يتم لمدة تتجاوز الشهرين، وارتبط هذا الانخفاض في احتمالات الإصابة بالسرطان بتناول المضاد الحيوي المسمي بالتتراسيكلين، وهذا الاختلاف في احتمالات الإصابة أرجعه الباحثون إلى وجود أنواع مختلفة من البكتيريا في أجزاء الجهاز الهضمي المختلفة، وهو ما يؤدي إلى اختلاف تأثير المضادات الحيوية على كل منهما.

 
 

في دراسة أخرى نشرت بنفس المجلة وجد الباحثون أن استخدام المضادات الحيوية لمدة طويلة (تتجاوز الشهرين) في الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 20 - 59 عاما ارتبط بزيادة خطر الإصابة بأورام القولون والمستقيم الحميدة (وهي التي يمكن أن تتحول إلى أورام خبيثة فيما بعد).

* بكتيريا الأمعاء
ملايين البكتيريا تعيش في الأمعاء بشكل طبيعي، وهذه البكتيريا يمكن وصفها بالبكتيريا الصديقة، والتوازن الذي يقدمه وجود هذه الأنواع من البكتيريا له تأثيرات صحية كبيرة، وتقوم هذه الأنواع بالعديد من الوظائف المفيدة للجسم، وهذه الوظائف تشمل المساعدة على الهضم، وتكوين بعض الفيتامينات الضرورية، وكذلك مساعدة جهاز المناعة على حماية الجسم من خطر الأجسام الغريبة وأنواع البكتيريا المعتدية، وتناول المضادات الحيوية بكثرة ولمدة طويلة قد يؤدي إلى اضطراب هذا التوزان، وقد يساعد على نمو بعض أنواع البكتيريا التي تساعد مع العديد من العوامل الأخرى على حدوث السرطان وتطوره.

 
 
 

* أمراض أخرى
لا يرتبط وجود البكتيريا الصديقة في الأمعاء بالحماية فقط من المعتدين، بل يساعد أيضا على الحماية من التهابات الأمعاء، ويؤدي استخدام المضادات الحيوية إلى تغيير أنواع البكتيريا الموجودة في المعدة، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث بعض أنواع الالتهابات المعروفة، وهو ما استدعى اهتمام الباحثين، ووجدت إحدى الدراسات التي قام بها باحثون من الدنمارك أن هناك علاقة قوية بين تناول المضادات الحيوية وحدوث ما يعرف بمرض كرون في الأطفال، وهذا المرض يمثل إحدى صور التهابات الجهاز الهضمي، حيث يتسبب حدوث هذا الالتهاب في حدوث ألم في البطن، إسهال شديد، وفقد للوزن، لكن الباحثين في هذه الدراسة كانوا حذرين في تناول هذه النتائج، فقد أكدوا أن هذا الارتباط لا يعني بالضرورة أن تناول المضادات الحيوية يتسبب في حدوث المرض بشكل مباشر.

المرض الثالث الذي قد يرتبط بتناول المضادات الحيوية هو الداء الزلاقي أو البطني Celiac disease، وهذا المرض المناعي يتسبب في عدم قدرة المريض على تناول الجلوتين (وهي مادة موجودة في القمح والشعير)، حيث يتسبب تناولها في تدمير الأمعاء الدقيقة، ويصاب المريض بالعديد من الأعراض التي تشمل الإسهال والانتفاخ والإرهاق وأنيميا نقص الحديد وغيرها، وإحدى الدراسات قام بها باحثون إيطاليون لدراسة ارتباط تناول المضادات الحيوية لدى الأطفال بالإصابة بهذا المرض، وقد وجدوا أن تناول المضادات الحيوية خلال العام الأول من عمر الطفل ارتبط بتشخيص هذا المرض بعد ذلك، وهذا الارتباط فسره الباحثون أيضا بقيام المضادات الحيوية بتغيير تركيبة البكتيريا الموجودة في الأمعاء، وهو ما يؤثر على مناعة الجسم كما ذكرنا.

قد تلعب المضادات الحيوية كذلك دوراً في حدوث مرض آخر يرتبط بالمناعة، وهو مرض الربو، وهو ما أكده باحثون كنديون وجدوا أن تناول المضادات الحيوية خلال العام الأول من عمر الطفل يرتبط بزيادة طفيفة في خطر إصابته بالربو، وأن هذه الخطر يزداد مع زيادة عدد دورات تناوله لهذه الأدوية.

 
 
 

* ماذا نفعل إذاً؟ هل نتوقف عن تناول المضادات الحيوية؟
الهلع غير مطلوب، فما زالت النصائح القديمة صالحة: لا تتناول المضادات الحيوية دون إشراف الطبيب، خاصة إذا لم يكن لها داعٍ، وكما ذكرنا في أول الموضوع: المضادات الحيوية لن تكون مفيدة في حالة إصابتك بنزلة برد، ببساطة لأنها مصممة لتقتل البكتيريا ونزلة البرد يتسبب فيها أحد الفيروسات (وهي كائنات تختلف كلية عن البكتيريا في تركيبها ولا تؤثر فيها المضادات الحيوية)، وإذا اضطررت لتناول المضادات الحيوية، فحاول استخدامها لأقل وقت ممكن حسب أوامر الطبيب، واطلب منه أن يستخدم المضادات الحيوية التي تستهدف أنواع البكتريا المحددة، بدلاً من تلك الأنواع واسعة الطيف التي تستهدف العديد من أنواع البكتيريا في نفس الوقت، وهذه النصائح يمكن أن تساعدك، وتساعد المجتمع الذي قد يتضرر بالكامل من سوء استخدام المضادات الحيوية بشكل غير مفيد وغير منضبط.
آخر تعديل بتاريخ
24 أكتوبر 2023

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.