صحــــتك

هل صالات الرياضة مكان للعلاج النفسي؟

هل صالات الرياضة مكان للعلاج النفسي؟
في الآونة الأخيرة، زاد الوعي بتأثير الحالة النفسية في الإنسان بصفة عامة، والجسم بصفة خاصة؛ مما زاد الطلب على الحصول على المشورة النفسية، وزيادة الطلب جعلت الكثيرين من غير المتخصصين يحاولون تقديم هذه المشورة في سياق غير علاجي، فأحيانا نجد مدرب الصالات الرياضية يتحدث مع إحدى العميلات حول مشكلاتها الشخصية، وفي أحيان أخرى يقوم مختص التغذية بنفس الأمر.. ولخطورة هذه الممارسات فقد أحببنا أن نسلط الضوء عليها، وأن نتعرف إلى مخاطرها وضوابطها.



* حماية خصوصية العملاء أمر أساسي
إجراء أي محادثة علاجية مع عميل هو أمر يجب أن يتم في أحد المكاتب المغلقة، وحماية المعلومات الموجودة عن العملاء في دفتر المعالج أو على حاسبه هي مسؤوليته كاملة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يطلع أي إنسان آخر على هذه المعلومات شديدة السرية.

في صالة التدريب يمكن أن يتحدث المدرب بصوت عالٍ بما فيه الكفاية، مما يتيح للموجودين في المكان سماع كل ما يقوله، وعلى سبيل المثل مشاكل العميلة مع أمها وزوجها، ما تأكله عندما تنزعج، وعلى فرض أن جميع من في الصالة في هذا الوقت سيستفيدون من نصيحته في الاعتناء بأنفسهم بشكل أفضل، لكن لم يكن هناك أي ضروري للاستماع لخصوصيات العميلة، وانتهاك خصوصيتها بهذه الصورة الفجة، وكلنا قد نجد أنفسنا في موقف مشابه، ومن المهم أن ندرك أن هذا غير مهني وغير أخلاقي وأن نرفض وبحزم التجاوب معه، وأن نقول "لا" واضحة صريحة.



* هل يمكن الجمع بين ممارسة الرياضة والعلاج النفسي؟
في الجزء الأول من المقال ذكرنا تحفظنا على تقديم خدمة المشورة النفسية في صالات الرياضة لما يسببه هذا من انتهاك خصوصية العميل، ولكن بشكل عام هل يمكن للمدرب الرياضي أو مختص التغذية أن يقدم خدمة المشورة النفسية انطلاقا من أن للسمنة أبعادا نفسية لا تخفى على أحد سواء كسبب للسمنة أو مشكلات نفسية ناجمة عن السمنة.

الحقيقة أنه قد يكون لطيفا أن يحدث الجمع بين ممارسة الرياضة والعلاج النفسي على أن يتم هذا بضوابط مهنية، ففي بعض الأحيان قد يكون السير جنباً إلى جنب مع شخص مستمع ومتعاطف يجعل التحدث عن المشاكل أسهل من الجلوس وجهاً لوجه. 

لكن المدرب الشخصي ليس صديقًا ولا واحدًا من أفراد العائلة، ناهيك بأن يكون معالجا مرخصا. ولكن نظرا لأن نصيحته قد تُمنح بصفة مهنية كمدرب مدفوع الأجر، فمن المعقول أن نفترض أن كلامه سيؤخذ على محمل الجد أكثر مما لو كانت النصيحة قد جاءت من صديق أو عضو آخر في صالة الألعاب الرياضية على جهاز مجاور.

والحقيقة أنه من المغري جدًا تقديم المشورة حتى عندما تكون خارج نطاق خبرة الشخص، وتصوروا أن هذا الإغراء قد يدفع المعالج الغذائي أو المعالج النفسي إلى أن يضع خطة النشاط البدني للعميل لفقدان الوزن، فيقترح الأثقال التي ينبغي عليه حملها، أو تدريبات الكارديو المناسبة لهذا العميل.



ولكن الحقيقة أن لكل متخصص تخصصه، والعديد من المتخصصين يمكن أن يعملوا مع نفس العميل، وفي موضوع السمنة على سبيل المثل قد يحتاج العميل لمدرب رياضي لوضع ومتابعة تنفيذ الخطة الرياضية، ومعالج غذائي لوضع ومتابعة تنفيذ الخطة الغذائية، ومعالج نفسي للتعامل مع المشكلات العاطفية وتغيرات المشاعر وصورة الجسد وغير ذلك من الأمور.

وكما أنه من غير المقبول أن يقوم المعالج الغذائي والمدرب الرياضي بإعطاء نصائح نفسية، فإنه أيضا من غير المقبول أن يقوم المعالج النفسي لمريض السمنة بتقديم نصيحة حول نوع التدريب الذي يجب اتباعه، وكل ما يمكنه فعله هو:
- نصح العميل بالمشي.
- التوصية بالتشاور مع المدرب الشخصي أو المعالج الفيزيائي، لوضع خطة النشاط البدني المتوافقة مع صحة العميل وقدرته على التحمل وعمره.
- يمكن أن يساعد المعالج النفسي عملاءه في ترتيب جداولهم وأولوياتهم، ومعرفة متى تسمح لهم جداولهم بممارسة التمارين الرياضية.
- يمكن أن يعمل المعالج مع عملائه للتعرف إلى المعوقات النفسية التي تعيق انتظامهم في النشاط الرياضي.
- يمكن أن يناقش العميل ما يمكن أن يرتديه في صالة الألعاب الرياضية والذي من شأنه أن يتوافق مع شكله؛ لصعوبة العثور على ملابس تدريب بأحجام كبيرة.



ورغم أهمية احترام التخصص؛ إلا أن مساحة التداخل بين التخصصات المختلفة عند أي عميل ما زالت تغري العديد من المدربين الذين لديهم خبرة غذائية قليلة نسبيا بتقديم المشورة حول الوجبات الغذائية والمكملات الغذائية، وفي بعض الأحيان تكون معلوماتهم خاطئة أو مبنية على أدلة قليلة أن مكمل غذائي معين آمن وفعال.

والسؤال هو: هل ستتلقى نصيحة مالية بشأن إدارة أموالك من مدرب، أو ستستمع لرأيه حول كيفية عمل ديكورات لمنزلك، أو حول كيفية التعامل مع مراهق مزعج؟ هل ستأخذ مشورة أو اقتراحات حول كيفية التعامل مع أحد الوالدين المسنين من الشخص الذي يساعد في إعداد ضريبة الدخل لديك؟ الإجابة عن كل هذه الأسئلة ستكون لا.

إذا لماذا تسمح لمدربك غير المتخصص أن يقوم بإخبارك بكيفية التعامل مع متطلبات والدتك، أو مشاكل زواجك.. هل تعتقد أن شخصًا يشرف على كيفية عمل عضلاتك مؤهل لتقديم النصيحة حول صحتك النفسية وصحة علاقاتك.

إن نصائح المدرب للعملاء بأن يمارسوا التمارين بجدية، وأن يقتصدوا في الأكل، وأن يخصصوا بعض الوقت لأنفسهم هي ضمن حدود النصائح المقبولة، وهي اقتراحات يمكن لأي منا أن يقدمها أو يتلقاها. ولكن إذا كان المدرب يخطط لمواصلة تقديم علاجه النفسي في الصالة الرياضية، فإن عليه أن يذهب للتدريب المهني والحصول على أوراق الاعتماد للقيام بذلك. ومن ثم فإن أراد تقديم استشاراته العلاجية في صالة الألعاب الرياضية، فإن عليه الذهاب إلى مكان يستمع إليه فيه العميل فقط.


*** وختاماً
المقال يدق ناقوس خطر.. وذلك لمساحة التداخل بين التخصصات المختلفة في حياة كل منا، وصعوبة الفصل، وهذا التداخل مغر جدا لغير المتخصصين لتقديم الفتوى بغير علم، ولكن علينا نحن أن نحمي أنفسنا، وأن لا نستهين بصحتنا النفسية؛ فممارسة العلاج النفسي لا بد أن تتم في إطار من السرية والخصوصية، وأن نحرص على ألا ننساق لغير المتخصصين الذي يتبعون شهوة الفتوى فيما يجهلون.. فالعلاج النفسي علم وفن.. يحتاج ممن يتخصص فيه لفترة تدريب طويلة ومرهقة وتستمر لسنوات.. ويحتاج لإشراف مستمر مدى الحياة.. فلا تستسهلوا تقديم أو الحصول على النصائح النفسية من غير المتخصصين، ولا خارج الضوابط الأخلاقية للممارسة.


المصادر
Is the Gym the Place for Psychotherapy?
آخر تعديل بتاريخ
14 يوليو 2018

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.